شرارات بيداغوجيا الإدماج
عودة الإعلام إلى طرق أـبواب الخبراء و المهتمين بمجال التربية و التكوين، لتنوير الرأي الوطني حول الأسباب و الدوافع الكامنة وراء إخفاق المخطط ألاستعجالي، الذي اعتبر حينها خارطة الطريق لإصلاح المنظومة التربوية- وقد كلفت مشاريعه {بشكل عام }الدولة المغربية مصاريف باهضة نعرضها على التقسيم التالي: 29،5 مليار درهم منها 8،1 مليار درهم برسم 2009 و 6،5 مليار برسم سنة2010 و 7،4 مليار برسم سنة 2011،أما برسم سنة 2012 فتم تخصيص مشروع ميزانية قدرها 7،37 مليار درهم – يعني أن من جهة أن معركة إصلاح المنظومة التربوية شرعت تنبعث من جديد وقد تأكدت هذه الآمال و الرهانات تحديدا بعد الخطاب الملكي السامي بتاريخ 20 غشت 2012 الأخير، و من جهة أخرى تعني ان هناك تساؤلات عديدة تطرح نفسها في هذا الباب بإلحاح:
– لماذا لم تشرك المكونات الخبيرة بهذا الميدان و الشركاء الاجتماعيون و الفاعلون التربويون في مناقشة تنزيل هذا المشروع تحديدا؟
-هل كان الوعاء الزمني الذي خصص لأجرأة بنود المخطط ألاستعجالي كافيا و منطقيا؟
– هل تسبب إخفاق المخطط ألاستعجالي في فتح جراح جديدة للمنظومة التربوية ببلادنا؟
– هل كانت المدرسة المغربية متوقفة و ملزمة باعتماد بيداغوجيا الإدماج؟
– ألم يكن حريا بمواصلة تفعيل مقتضيات الميثاق الوطني للتربية و التكوين؟
من قال بأن بنود و مقترحات الميثاق الوطني- الذي اعتبره أحد الخبراء التربويين الثورة البيداغوجية الهادئة التي ستحقق للأمة المغربية نهضتها العلمية و التعليمية قاصرة و غير مجدية؟
ألم يكن الاختلال في الجهة التي آلت إليها المسؤولية أنذاك؟
من خلال ما سبق، يبدو أن عودة الإعلام إلى هذا المخطط في شق بيداغوجيا الإدماج هي عودة لا تترجم ندم المدرسة المغربية على عدم مواصلة العمل بهذا المشروع البيداغوجي القديم والحديث في فلك ما يسمى ب ” الاستراتيجيات التعليمية” – الذي يعتقد غزافيي روجرز أنه بلائم تطلعات النظام التعليمي للدول النامية كثيرا، التي يعيش تلاميذها و طلابها نقصا حدا في الكفايات و المهاات سواء على مستوى اللغات أو المعارف أو الثقافة أو السلوك، وذلك للحيلولة دون تكرار تراجيديا الماضي و الخروج من دوامة التعثر و الارتباك و الانتظار في نفس الوقت– بقدر ما تتحرى تقييم عملية تدبير هذا المشروع وتعرية مكامن الأخطاء التي حصلت عند تنزيله ،خصوصا وقد حذرت بعض الكتابات و التصريحات من اعتمادها بعد فشلها في العديد من البلدان، ولا أدل على ذلك عدم تطبيقها في بلد صاحبها أي غزافيي روجرز ببلجيكا على حد تعبير الخبير الدولي الدكتور: محمد الدريج.
لكن ما الذي جعل الدكتورالدريج يعتبر إلغاءها قرارا متسرعا و غير بيداغوجي؟
وهل صحيح أن قرار الإلغاء جاء لإرضاء فئة من الغاضبين و الرافضين في بداية تسليم الحكومة الجديدة لمهامها؟
أي قرارا جاء لامتصاص الغضب الحاصل سواء في صفوف المدراء التربويين الذين انتفخت رؤوسهم بالأسئلة من قبل الفاعلين التربويين بمؤسساتهم دون أن يجدوا لهم حلولا مرضية أو من طرف الممارسين للعملية التدريسية الذين لم يستخلصوا من فقرات أنشطة بيداغوجيا الإدماج سوى تعبئة مجموعة من الشبكات و الجداول للتأكد من الفئة التي حققت الكفاية الشفوية و الكفاية الكتابية ثم الفئة التي حققت النجاح في اكتساب الموارد و تستثمرها عند دراسة الوضعيات المركبة استثمارا سليما و ناجحا و الفئة الضعيفة التي تقف مشدوهة تقرأ تعليمات الوضعية دون إيجاد القدرة على الرد، ثم التي حققت العتبة مرتين على الأقل ، واستهلت الصعود إلى القسم الموالي، إذ بالرغم من الدينامية التي تتميز بها أنشطة هذه البيداغوجيا- شكلا- نؤكد أنها كثيرة التعقيدات على مستوى التطبيق عند اختيار الوضعيات و تقريبها من أذهان التلاميذ و تفييئهم حسب تحقق الكفايتين{ الشفوية و الكتابية} وتقويم أخطائهم واحدا واحدا في الأسبوع السابع عن طريق تسطير الشبكات و وضع الجداول . ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا بإلحاح هو: متى؟ و على حساب من؟ أو من طرف المتعلمين أنفسهم الذين رأوا في هذا الجديد عليهم أي العمل بالوضعيات المركبة مضايقة نفسية لمعارفهم البسيطة و ثقافتهم الهشة و ووجدانهم المكسور، مادامت البرامج التربوية لا تهتم إلا بحشد أذهان المتعلمين بالمعلومات و الأفكار و الدروس ، ولا تفكر البتة بالرقي بنفسياتهم ووجدانهم الغض الذي يحتاج كثيرا الى الرعاية و النمو السليم.
ترى من كان المستفيد من اعتماد بيداغوجيا الإدماج؟ وهل فتح قرار التخلي عنها جروحا جديدة في جسم التعليم المغربي؟
*الحسين وبا
فاعل نقابي.





