سلاحف وقناديل
أين الحقيقة ؟
لولا التكاثر المذهل لأصناف عدة من قناديل البحر، واحتكاكها بالناس المصطافين والسباحين، وشعورهم بالألم والخوف جراء هدا التواصل الفيزيائي المؤدي إلى لسعات قد لا تحمد عقباها في بعض الأحيان؛ لولا كل هذا ما علم أحد أن هناك كائن طبيعي كان في ما مضى يحدث التوازن حيث يجعل أعداد القناديل تتقلص وبالتالي لا تحدث ضررا إذا فالسلحفاة البحرية المتوسطية بأصنافها الكووان (Caouanne) الكريتا (Caretta) و الناتاتور (natatore) كانت تقتات من هذه الكائنات الشبه الزجاجية إلى أن حصل التدمير الكبير المباشر والغير مباشر الذي أدى بالسلاحف إلى انقراض شبه كلي فاختل التوازن.
حقيقة أن المجموعات الهائلة من قناديل البحر أصبحت تشكل خطرا ليس على السباحين والسباحات فقط بل حتى السلسلة الغذائية الحية في طورها الأول والثاني بعد اليرقة؛ أصبحت هدفا مباشرا وغير مباشر للأعداد الكاسحة و المكونة من عشرات الآلاف من هذه الكائنات اللزجة، وحقيقة أن السلاحف المتوسطية من فئة الكووان (Caouanne) الكريتا (Caretta) الناتاتور (natatore) والشلونيا chelonia) ( عدو طبيعي لدود لهذه القناديل ما دامت تقتات عليها، وحقيقة أيضا أن التدمير والهلاك الذي شمل أزيد من 90 في المائة من السلاحف القارة التي كانت تبيض في السواحل الرملية لشمال المغرب، بدأ تأثيره المميت منذ 40 سنة، واشتد هوله في الثمانينيات و التسعينيات من القرن الماضي، لكن هل حقيقي أن السلطات التابعة لوزارة الداخلية جلبت أعدادا من السلاحف الضخمة إلى البحر المتوسط شمال المغرب كي يتم القضاء على القناديل؟؛
هذا في حد ذاته أمر غريب كمن يأتي بمجموعة من حشرات السرعوف أو فرس النبي للقضاء على ملايين الجراد وإن كان الأمر كذلك فكم عدد السلاحف التي جلبت لهداالغرض؟ فعشرة لا تكفي ومائة لا تكفي و ألف يلزمها شهور لإمكانية إعادة التوازن الطبيعي لسابق عهده.
ولقد سألنا مركز الدراسات البحرية بطنجة فأخبرونا بعدم علمهم عن شيء من هذا القبيل خاصة أن أمورا كهذه من اختصاصهم و بالتالي هم الأوائل فيما يخص المشاورة و البحث والإنجاز، و الحقيقة أن موضوعا إخباريا كهذا أصدره أحد المراسلين لإحدى الجرائد و بصيغته المبهمة كان يحتاج إلى أسماء وتواريخ وأرقام لتفنيد خبر ذا ثقل علمي بيولوجي مهم.
الحقيقة أن الذي ينبغي قبل المحاولات الواجبة لإعادة تأهيل السلحفاة المتوسطية بالسواحل الشمالية للمغرب؛ هو القضاء الكامل والشامل على الوسائل المدمرة التي جعلت منها هدفا سهلا، وبالتالي أهلك جلها وقطع نسلها، نعم ينبغي القضاء على الشباك الشاطئية من الفئة الثلاثية والتي كان يتمركز وصفها في فترة وضع بيض السلحفاة و على أعماق تتراوح بين المتر و نصف و خمسة أمتار؛ فكانت النتيجة المؤسفة و الحزينة جدا هي توغل السلحفاة في هده الشباك فتبدأ تقاوم حتى تذبح عنقها في الخيوط الحادة أو تموت اختناقا كما لا ينبغي أن ننسى عملية سرقة الرمال الشاطئية التي كانت تتم ليلا من طرف العشرات من الشاحنات؛ وبالتالي كان تدمير بيض السلاحف التي نجحت في اجتياز الشباك بمثابة الضربة القاضية لقطع نسل السلاحف المتوسطية بشمال المغرب .
رشيد السوسي