موقفٌ من أجل اللغة العربية. - بريس تطوان - أخبار تطوان

موقفٌ من أجل اللغة العربية.

موقفٌ من أجل اللغة العربية.. !

في الوقت الذي تكثُر فيه دعوات مجموعة من أبناء هذا الوطن إلى ضرورة تفعيل اللغة العربية وتمكينها في كلّ القطاعات والمُستويات، وتعزيز تداوُلِها الاجتماعي، وفي الوقت الذي نُؤكّد فيه على أنَّ إصلاح التعليم لا بد من أنْ يتِمَّ في إطار رؤية شمولية وتكامُلية، مُرتبطة بالإصلاح العام ثقافيا وسياسيا واجتماعيا، تفتحُ أمامنا آفاقًا واسعةً لبلورة مرجعية مُوَجِّهةٍ للإصلاح، متكامل مع مشروع مُجتمعي وتربوي واضح المعالم، وما يتطلَّبُه من تعبئة مُجتمعية شاملة تنخرط فيها النخب والمؤسسات والمجتمع المدني والحكومة والدولة والطلاب؛  لأنّ إصلاح التّعليم العالي لا يمكن تَصوُّرُه بمعزِلٍ عن إصلاح مُجمل مُستويات النظام التعليمي وتجديد المُدركات الجماعية والفردية لفهم طبيعة هذا المِلفّ.

لكن يبدو أنّ بعض مسؤولينا المفتونين بعاصمة الأنوار، الراضعين من ثديِ ماما فرنسا، الذين لم يقدروا على الفطام بعد؛ لا زالوا في أتمّ الجاهزية لمناهضة تطلُّعات الشعب في التحرّر والانعتاق من رِبقة التبعية اللغوية والمنهجية والسياسية لدولة الاستعمار الفرنسي، وعازمونَ على مواصَلة الدفاع عن أجندة قوى التلهيج والهيمنة الفرنكفونية البغيضة والعَزف على وتَر إغضاب الرأي العام والوطنيين وعقلاء البلد المدافعين عن اللغة العربية وحُرمتها ومكانتها، حيثُ أقــدمَ المدعو حذيفة أمزيان رئيس جامعة عبد الملك السعدي على استفزاز مشاعر عشرات الطلاب الذين حجّوا صباح هذا اليوم إلى المدرّج الرئيسي للمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بمدينة تطوان لحضور محاضرة مفتوحة دعت لها منظمة التجديد الطلابي بتنسيق مع إدارة المؤسسة المذكورة، أطّــرها الدكتور لحسن الداودي وزير التعليم العالي والبحث العليم وتكوين الأطر، (أقدَمَ) على تقديم مداخلته ضمن أشغال الندوة باللغة الفرنسية! .. دونما اضطراره لذلك! 
 ففي ظلّ حضور مسؤولٍ حكومِيٍّ وصِي عن القطاع  – والذي أكّــدَ من خلال محاضرته القيّمة (التي قدّمها باللغة العربية)  على ضرورة تعزيز اللغتين العربية والإنجليزية في أسلاك التكوين بالمعاهد والمدارس العليا –  إلى جانب فاعلين مدنيين وعمداء كليات ورئيس الجماعة الحضرية لتطوان ومسؤولين حزبيين وطلبة غالبيتهم يفهمون اللغة العربية ويتكلمونها، وفوق ترابٍ مغربي، وفي رحاب مدرسة وطنية.. لم يُراعي السيد الرئيس كلّ هؤلاء ولم يَــسْتَنْكِف عن تقدير جملة هته الاعتبارات، وانحاز بشكل سافِرٍ إلى الرضاعة من الثقافة الفرنكفونية متبختِراً بمداخلةٍ مُنبتّةٍ عن الهوية والسياق وضدّ إرادة الحضور الكريم، انسدّت لها ولسماعها شهية الحاضرين.
 إنني وبصفتي مناضلا طلابيا وفاعلا مدنيا، أعتزُّ بنضالي المبدئي والواعِي من أجل تمكينٍ أقوى للغة العربية في التعليم العالي والمعاهد العليا ومؤسسات الطب والصيدلة، وإعطاء الحق الكامل للطلاب في التداول الخاص والعام للغتهم الأمّ، داخل الفضاءات الجامعية وبقاعات الدّرس وفي الأنشطة الموازية الهادفة وبالفضاء العمومي؛ مع الدعوة إلى ضرورة استصدار وإعداد خطة وطنية وصياغة آليات بيداغوجية لحلّ مُشكل لغة التّدريس، مع النهوض باللغة الأمازيغية باعتبارها لغة رسمية مُدَسترة.

 وإذ أجدِّد رفضي الكامل واستنكاري الشامل لمثل هته التصرُّفات، وعدم رضايَ عن وجود مثل هؤلاء المسئولين على رأس أجهزة التسيير والتدبير بمؤسسات التعليم العالي ببلادنا؛ فإنّي أدعو إلى الإسهام العام في تمكين وطننا وشعبنا من تعليم مغربي أصيلٍ ديمقراطِي مُساهِمٍ في تخريج النُّخب والإعلاء بالكفاءات الوطنية، ومناقِشًا لصناعة العدالة الاجتماعية وتفكِيك بُنى التفاوت الطّبَقِي، ومُعَبِّراً عن الإرادات الحقيقية للمجتمع المغربي، ومنخَرطاً في إشكالات الربيع الديمقراطي، ومنْتَمِياً إلى الحوض المغارِبي المتكامِل، ومتصالِحاً مع التّنويعات اللغوية واللهجِية التي تزخَرُ بها أوزان السَّــبِيكة المُجْتَمَعِية، وناهِجاً لسياسةٍ تعليمية تُبِرزُ إلى السّطحِ مغرب الإرادات، مغرب الانتصارات، مغرب الحضارات، مغرب العطاءات، مغرب العلم والعُلماء، مغرب الوحدة والتعدد والانتماء، مغرب الأصالة والعدالة والوفاء، مغرب الانفتاح بلا انبِطاح، مغرب التعاون على الخير مع الغير، مغرب التشارك على ترسيخ قيم الإصلاح والتعاون على ترشيد مسار البلاد.

نضالُنا مُستمِرّ.. من أجل جامعة المعرفة ومغرب الكرامة ولغة السيادة.
 
 

عدنان بن صالح/ بريس تطوان


شاهد أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.