تطوان تاريخ وحضارة, وبهجة ونضارة - بريس تطوان - أخبار تطوان

تطوان تاريخ وحضارة, وبهجة ونضارة

 
 

تطوان
تاريخ وحضارة, وبهجة ونضارة
أرفع القلم فينطلق سيالا وينطق ارتجالا كلما وقفت على أطلال حمامتنا البيضاء, حين أقف وقفة مفتخر, وأنظر نظرة منبهر, فتنطلق مني في وصفها الكلمات, وتكثر في عد محاسنها العبارات, وقد نُظمت فيها القصائد وأُلفت الروايات, تسابقت الأنامل في خط تاريخها, واعتلت الدواوين القمم تغنيا بحضارتها, وأبدعت قرائح الشعراء والأدباء وتفننت في تسطير أمجادها. تاريخ الحمامة مكلل بمواقف البطولة والإقدام, تاريخ ملئت صروفه بتوالي العلماء الأعلام, تاريخ مستنير بما سطره الأسلاف المجاهدون, والأبطال المناضلون, والأكفاء المقاومون, قوم عزوا بدينهم فما هانوا, قادتهم مبادئهم فلم يرضوا بأي وضيع أن ينفث عليهم غبار ذله وهوانه, بل حاربوا جور المعتدين, وقاوموا مكر الجاحدين, وما رضوا بتسلط المتطفلين , والعدوان يُستأصل ولو بعد حين . هذا فيمن استوقفته نفحات من تاريخها, ولا تسل عن من وقف على روعة مآثرها, وابتهجت عيناه بجمال روضاتها, واستمتعتا برونق بساتينها, وانتعشت مهجته بطيب نسماتها, واسترخى بين العيون ومجاريها, وعاشت خواطره مع همساتها,؟ ! ! إذ ذاك لا يسع الحروف والكلمات والمعاني إلا أن تنطلق سابحة في بحور الشعر قائلة : حسنـاءُ لمـا بـدا مـن طـرفـهــا الحَـــوَرُ1 *** هـيّـج قـلبــي وفـيـه احـتــارت الـفـكَـــرُ ومــن يـرى من بـديـع حسنهــا بهجــة *** يـرى كـــأن هنـاك السـحـــرَ مـنـتـشــر أيـن البســاتـيــن أتحـفـــت بصـائــرنــا *** شــذا بـهــا الـطـيـر حيـث الماء ينهمـر يـا منظــرا قـد صفــت بـه خــواطــرنــا *** الجـــو مـعــتـــدل بــه الـهـــوا عَـطِـــرُ يــا بسمـة رُسِمـت عـلـى حــدائـقـهــــا *** فـالــوردُ مـبـتـســم والــزهـــر مزدهــر وكـم عـيــونٍ تــدفــقـــت مـنــابـعـهــــا *** فــالعـيــن جــاريـــة والـعـيــن تـنـبهــر عـبــرَ الجـبــال جـرَتْ إلى أن انفـجــرت *** بـيــن صـخــــور تُـــرى كــأنـهــــا دُرر وهـل سمعــت الخـريــرَ عــزفُـه طــرب *** الأذْن تـسـمـعــه فــالـكـســــر يـنجـبـــر فـيـا لـروعـتـهــا تــروي وتـطـــربـنـــا *** يـصفــو بهـا حـال من حــل بـه الكَـــدَرُ تـطـــوانُ فــاتـنــةٌ للـمـنـصـفــيـــن ولا *** يـنـصـفـهـــا مـتـعــصّــبٌ ومـحــتــقـــر مـا ضـرهـا جُهّــل لـم ينصفــوهـا فـقــد *** أنصـفـهـا الـدهــر والـتــاريـخ والسِّـيَـر مـا للعـيــونِ تعــامــت عـنـد شـرْذمــةٍ2 *** هــل ينكـــرون ضيــاها أم بـهــم عــور هـل جـهِـلــوا أم تـجــاهـلــوا منــاقـبـهـا *** فاستصغـروا مجدها وكـم بـه افـتخـروا فـانطـلـقـي يا بحـور الشعـر واعتـبـري *** فـمِــن حـضــارتـنــا تُـكْـتَـسَــب العِــبَـر حمـامـة حـمـلــت طــوق الجـهـــاد بـــه *** تــاريــخُ مغــربـنــا يـسـمـو ويـفـتـخــر ســل مجـد أنـدلــس وســل حـضـارتـهـا *** تـلْــقَ الـحـمــامــةَ مــازال بـهــا الأثــرُ قـد ورِثــت حسنهــا مـن سحـر قـرطـبة *** وصانعـوا المجـدِ عـبْرَ جسـرِها عـبرُوا فـتـلـــك أنــدلـــــسٌ وهــــذه أخــتُــهــــا *** وبـنـت غـرنـاطــة تــزهـــو وتـزدهـــر كنجـمـةِ زيـنــــت ســمــــاءَ مـغـــرِبِـنــا *** يـسـألـهــا الـقـمــر الـبــادي ويخـتـبــر: بـالله, يــا نـجــمــــةً إنـــكِ جـــارتـــنـــا *** زاد البـهــاءُ فـمـا الـقـصــة والـخـبـــر؟ تجـيــب فــي عـجــب بعــد أن ابتسمـت: *** أليــس مغـــربـنــا يـسطــع يــا قـمــــر؟ بـلـى, أرى الـنــور لكـن أيــن مصـدره؟ *** قـالــت لـحـيــرتــك الآن ســأخــتــصـــر وجِّــه عــيــونــك وجـهَـةَ الشمـال تـرى *** عــروسَــه نـجـمـــة حُـلــيّـهـــا الـــدرر قــد سـلـبـــت لُــبّ أهـلـهـا الـذيـــن رأوا *** كـيـف بـروعــتـهـا يـنـتـعــش الـبـصــر أمـا الــذي زارهــا أو حـــلّ مــرتـحــــلا *** أنـســتـــه مـوطـنــه فــســـره الـسـفـــر ذي نــســـمـــات هـــواهـــا مـــتـجـلّـيــة *** وقــد أقَــرَّ بــذاك الـبـــدوُ والـحــضَــــرُ تــطـــوانُ مـفــخــــرة لـلأهــــل كـلّـهِـــمُ *** وهــم ذووا كـــرم بـه قــد اشــتـهـــروا مجـــاهــدون وذي الأمــجـــادُ شـاهـــدة *** عـاشــوا فخـورين نِعْـم الفخْـرُ والظـفَـرُ قــد أخـلـصـــوا حـبـهـــم للـه خـالـقـنـــا *** بـحـبـلـه اعـتـصـمـوا فحينهـا انتصـروا وانـتهـجــوا سـنــة النبـيّ خـيــرِ الـورى *** فهــم بـذلــك قــد عــزّوا ومـا خـســروا أسـلافــنـــا رسـمـــوا حــريــةً بـقــيـــت *** خـفـاقــةً فـي العُـلا مـن أجـلهـا صبـروا حــريــة الـقـــوم لـيـســت هـبــة لـهــــمُ *** بـل هـي حـقـهـمُ يُـفــدى لـهَــا الـعـمُـــر يــا أهــل تـطـوانَ قـد كـانـت لـنــا هـمــمٌ *** تستـأصـل الكـفـر والأعــداء إذ مكــروا والسـيــفُ يُُـشْـهــر بـرّاقــاً بــه غــرضٌ *** يُحـــارب الـظــلـــمَ لا يُـبـقــي ولا يـــذَرُ فـهـل سنـرضـى بــدون ذاك مـنــزلــة؟ ! *** تـفـنـى الـعـصـور وهـذا الـمجـدُ مُدَّخَــرُ يــا أهـــل تـطّـــاوُنٍ هُــبّـــوا لـشــأنـكـــمُ *** فـبعــضُ ذا الـمجــد لا يــرى لـــه أثـــر من شعر: رضوان الرباح التطواني _______________________ 1 ) الحَوَر: بفتح الواو: شدة بياض بياض العين مع شدة سواد سوادها, وقيل: هو أن تسود العين كلها مثل أعين الضباء, وليس في بني آدم حور وإنما يستعار للناس كما قال كراع, ومن ذاك ما قاله جرير بن عطية التميمي:  (إن العيون التي في طرفها حَوَر* قتلننا ثم لم يحيين قتلانا )      28أبريل2011  25جمادى الأولى1432 2 ) يقال شرذمة من الناس: جماعة قليلة, كما قال تعالى:  (إن هؤلاء لشرذمة قليلون ), ج شراذم .


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.