لماذا نسخر من الأزمات؟! - بريس تطوان - أخبار تطوان

لماذا نسخر من الأزمات؟!

لقد بات من الطبيعي والمتوقع أن تتناسل النكت أمامنا متى مررنا كمجتمع من أزمات قاسية.. إذ صار الضحك من الظواهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها.. سبيلا من سبل الهروب من تأثيرها السلبي على نفسية من يعيشها..

حيث تقول الأخصائية النفسية إيفانا ورد، “إن البشر مهيؤون نفسيا لعدة ردود أفعال دفاعية، أحدها الهزل لحماية أنفسهم من تدفق المعلومات المسببة للذعر أوقات الكوارث.. يمتلك الناس أسبابا كافية للقلق والخوف سواءً اقتصاديا أو سياسيا” وتضيف “الهزل من الواقع.. يساعد نفسيا على تفريغ الضغط والاحباط”..

لذا تجد الإنسان يلجأ بشكل فردي أو مع الجماعة إلى الهزل والضحك وإلقاء النكت.. اندماجا مع الأزمة وخوفا منها في ذات الوقت، حيث يختار السبيل الأكثر مرونة لسبر أغوارها والانغماس فيها دون التدقيق في التداعيات والآثار التي يمكن أن تترتب عنها وأن تخلفها..

في نفس السياق، وفي كتابه “الخوف السائل” والذي يندرج ضمن مجموعة السوائل للكاتب زيجمونت باومان، ينقل الأخير عن كريج براون، قائلا: ” في كل مكان ترتفع فيه درجة حرارة التحذيرات العالمية، وفي كل يوم تظهر تحذيرات عالمية جديدة من الفيروسات القاتلة، والموجات القاتلة، والمخدرات القاتلة، والجبال الجليدية العائمة القاتلة، واللحوم القاتلة.. وغيرها من الأسباب الممكنة للموت الوشيك.. هذه التحذيرات تكون مرعبة في أول الأمر، ولكن بعد فترة يبدأ الناس بالاستمتاع بها”.

أي أن الانسان يميل إلى الانصهار والذوبان في قلب الأزمة، يواجهها ويحاول التصدي لها والتكيف معها من خلال الاستمتاع بها.. وهذا ما يطلق عليه “الساركازم”، أو التهكم والسخرية من الواقع.

ولأننا تجرعنا مرارة الواقع الأليم.. ولأننا فقدنا أحبابا لنا في رمشة عين.. وذقنا طعم خيبات الأمل.. وسمعنا وقرأنا وعشنا وعايشنا منحنيات الحياة المتذبذبة.. صار “الساركازم” جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وصرنا كجحا وأصحابه نطلق النكت متى صعقنا بخبر سيء.. والأسوأ أننا من شدة الألم أصبح الألم طبيعيا بالنسبة لنا.. تماماً كما تفعل الفريسة بين أنياب الأسد.. تبدأ في التخبط لدقائق قبل أن تستلم وتسلم أمرها.

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.