كيف كسر المحامون المنع الغير الشرعي من ولوج المحاكم بذريعة الطوارئ الصحية؟‎‎ - بريس تطوان - أخبار تطوان

كيف كسر المحامون المنع الغير الشرعي من ولوج المحاكم بذريعة الطوارئ الصحية؟‎‎

مرفق العدالة ليس فقط بناية تظم مكاتب وقاعات جلسات يرتادها محامون وقضاة وغيرهم، بقدر ما هي ملجأ مجتمعي لفض العوارض التي تحول دون التطبيق السليم للقانون، والذي يتسم بالتلقائية المفترضة يحسب الجميع أنها الأصل المحدد للعلاقات المختلفة داخل المجتمع.

والمحاكم بهذا التحديد هي المرفق المرتبط بالإنسان، مطلق الإنسان، دون إمكانية الحد من ولوجه إليها بقيد أو شرط، بل أن البشرية تجاوزت نقاش إرتباط العدالة بحق الإنسان في الأمن والقانون إلى نقاش مبدأ الولوج المتبصر للعدالة.
لكن ما حدث يومه 20 دجنبر 2021 قوض ما ذكر وقدم إنطباعا سلبيا عن موقع هذا المرفق داخل المجتمع المغربي، بعد أن أقدمت السلطة التنفيذية على فرض جواز التلقيح على جميع المرتفقين والمراجعين.
كانت مهنة الدفاع على موعد مع الحدث، لا لشيء إلا لأن هذا التدبير غير دستوري، وغير قانوني، ففي مشهد غير معتاد تناسلت البيانات والبلاغات من جميع هيئات المحامين بالمغرب، والجمعيات التي تظم المحامون، مؤكدة رفضها للتدابير المتخذ من رئاسة النيابة العامة ووزارة العدل والرئاسة المنتدبة للسلطة القضائية.
كان مشهد منع الموظفين من الولوج إلى مكاتبهم مشهد جد مخجل لمن اتخذ هذا القرار، وللدولة المغربية، أناس أفنوا سنوات حياتهم في تحرير المحاضر وإصدار الاستدعاءات والقيام بكل ما من شأنه ضمان سير المرفق تقف عند أبواب مكاتبهم القوات العمومية والأمن الخاص لمراقبة مدى توافرهم على جواز التلقيح ومنعهم من الدخول اذا لم يتوافروا عليه.
وعلى الرغم من انتزاع المحامون لحقهم في الولوج إلى المحاكم فقد قرروا عدم الدخول إلى الجلسات أو القيام بالإجراءات تضامنا مع من لم يسمح له الولوج، فالمحكمة الطبيعية هي المحكمة التي لا يعيق مانع من تقيد حرية دخولها.
جسم المحاماة برهن اليوم أنه أكبر من مهنة، هي رسالة عصية عن التطويع، رسالة طليعية لا يمكن أن تفرغ من محتواها الحقوقي، وبالتالي فقد ثبت اليوم أنها واجب إجتماعي لا يمكن للقانون أن يوجد بدونها، المحاماة أقوى في اتحادها وأنجع في تلحامها مع حقوق الناس، وأجزم بأن خفة البعض في إتخاذ قرارات غير دستورية، كان في مصلحة مهنة المحاماة العصية عن الشطط والتعسف، وفي مصلحة إستعادة دورها داخل المجتمع مما أهدر تراكم سنوات التضيق الممنهج عليها وجعلها تنبعث من جديد في إطارها الحقوقي الأصيل.
وثبت اليوم أيضا واجب البحث عن وزير جديد للعدل، لأنه رغم زعمه القدرة على كشف لون جوارب الناس، فإنه عجز عن ضمان استمرارية مرفق حساس، كما أثبت علو كعبه الأمني وجعل نفسه في صدام مع موظفي القطاع، كما كشف جوهره أمام المحامون والمجتمع.
أيضا تثبث اليوم أن حقوق الناس غير قابلة للتجزيئ وأن الأمن القانوني غير قابل للزج به في منعطفات غير محسوبة ولم يبقى لمن اتخذ هذا القرار الجائر إلا العدول عنه.

شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.