زهير الركاني / بريس تطوان
وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس خطابًا للأمة المغربية بمناسبة الذكرى التاسعة والستون لثورة الملك والشعب.
الذكرى التي تبرز عمق الروابط القائمة بين المؤسسة الملكية والشعب المغربي بكافة روافده، فوجودنا بوجودها والعكس صحيح؛ ملكية مغربية شعبية قائمة على الحب والاحترام والارتباط الذي لا تحل عقدته وعلى المصير المشترك.
وكما هو معلوم فإن خطابات جلالته تعد خارطة الطريق الموجهة لكل من أراد أن يخدم وطنه بإخلاص ومسؤولية، ذلك فخطابات جلالته متسمة دائما بالحكمة وبعد النظر، من أجل سياسة عامة وسياسات عمومية في خدمة المواطن ورافعة أساسية لمكانة المغرب الإقليمية والدولية.
وقد تطرق جلالته لقضية الصحراء المغربية والتي نقتبس من خطاب جلالته عبارة واحدة تعد أحكم وأبلغ خلاصة يمكن أن نوجهها للجميع، حسما لكل خلاف وقطعا لكل تحايل أو غموض حول قضية وحدتنا الترابية، وهي قول جلالته: ” أوجه رسالة واضحة للجميع إن ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات “.
فإذا كنا نقبل أن سياسة الدول قائمة على المصلحة، فإن وحدتنا الترابية ليست مصلحة المملكة المغربية بل هي جزء من وجود المملكة المغربية وارتباطنا بأرضنا هي عقيدة تزيد قوة وصلابة كلما تم المساس بها من جهات لا شرعية لها لا وطنيا ولا دوليا في الحديث عنها فما بال المساس بها!
وقد نبه جلالته إلى دور الجالية المغربية المقيمة في الخارج في الدفاع عن وحدتنا الترابية من جهة ودورها في تحقيق التنمية لبلدهم من جهة أخرى، – وإذا كنت من الجالية المغربية وأعرف عن قرب مدى ارتباط مغاربة العالم بكافة أطيافهم ببلدهم الأم وتعلقهم بأرضهم وملكهم متوارثين ذلك جيلا عن جيل، ومتربصين بالفرصة للرجوع إلى بلدهم إقامةً واستثمارًا، وهو ما فعله كثيرون وقد كنت واحدا منهم، إذ رجعت بكل اعتزاز وافتخار منذ زمن لوطني كمواطن يسعى للمساهمة في التنمية والرخاء لوطني وإخوتي المغاربة على أكثر من المستطاع، إيمانا مني أننا يدا بيد نكون أقوى، واليوم بصفتي سياسي أسعى من جانب التدبير والتسيير أن ننزل رؤى جلالته في كل الميادين ولاسيما تجاه الجالية المغربية بالعالم والتي كنت واحدا منهم وبالتالي مطلع على حاجاتهم وما يحفزهم وما يعيقهم -.
وقد وضع جلالته تساؤلات تهم الجالية المغربية وهي موجهة بالأساس للمؤسسات وكافة المتداخلين والتي تعد بمثابة تنبيه لنا جميعا لضرورة العمل أكثر قصد تبسيط المساطر وتشجيع الاستثمار ووضع الإطار الميسِّر لعملية جلب إستثمارات مغاربة العالم، وذلك بالقضاء على كل أوجه الفساد الإداري من جهة وكل أوجه إفساد جو الاستثمار والأمن القانوني والأمن القضائي والأمن الإداري من جهة أخرى.
كما دعا جلالة الملك إلى ضرورة إقامة علاقة هيكلية دائمة مع الكفاءات المغربية بالخارج بما فيها المغاربة اليهود من جانب، وإحداث آلية خاصة مهمتها مواكبة الكفاءات والمواهب المغربية بالخارج ودعمها من جانب آخر، وهذا ما يتطلب جهدا أكبر وتدخل كافة المؤسسات الإدارية والمالية قصد تحقيق ذلك.
وهو ما يمكن تحقيقه إن صرنا مستقيمين على المسار الحكيم الذي رسمته نباهة وحكمة جلالة الملك من ناحية، وباستحضار مبادئ الحكامة الجيدة المنصوص على قواعدها العامة في الدستور من ناحية أخرى.