صباح الخير أيها العالم... ! - بريس تطوان - أخبار تطوان

صباح الخير أيها العالم… !

WhatsApp

صباح الخير أيها العالم… !

 

تكاد تكون هذه الجملة هي المستترة وراء الواتساب الذي نحن سعداء باستخدامه، و بتبادل المكالمات المجانية و الرسائل المسجلة في كل أنحاء العالم.

في كل صباح أتوصل بالعديد من الألوان عبر الواتساب، و كأنني أنتظر أن أعرف الجديد الذي يغزو العالم. و بالرغم من وجود وسائل تواصل اجتماعية أخرى، إلا أن الواتساب له طعم آخر، فأنت تتواصل مع أصدقاء مقربين و مبعدين أيضا، سواء في الصداقة أو في أي مكان من العالم، برسائل خاصة تتضمن فيديوهات و صور و نكت و مزاح و أخبار، تمتزج بين السعيد و الحزين و تطلع عليها بنهم و حب. ولا تتساءل لماذا أنت تنتظر بلا وعي منك بعض الأخبار، و كأنك تتلقف الجديد بصدر رحب. حين تتلقى رسالة ما من صديق، فأنت أولا تطلع على الجديد بتوجه منه شخصيا لأنه يجعلك تطلع على خبر من منظوره الخاص. فالفيديو رغم أنه منقول عن آخر، فإنه في نفس الآن يجعلك تعيش مع الآخرين و لا تخرج عن دائرتهم. فالمشترك بينك و بينهم، هي هذه الرسائل الجماعية التي تتبادلها معهم و التي تجعلك تفرح أو تحزن، و لكنها في الآن ذاته تجعلك داخل الدائرة الكوكبية العالمية التي تنتمي إليها، و كأنك تخشى أن تعيش وحيدا تماما مثلما كان الآخرون ينقلون الخبر بواسطة النميمة، و تجد نفسك مصدقا للنميمة اذا بلغك نفس الخبر من عشرة أشخاص، فكأنهم قد صادقوا عليه و أكدوا حقيقته، في حين قد لا يكون هذا الخبر صيحا، و لكنه يصبح كذلك إذا صادقت عليه الأغلبية.

يبدو ذلك غريبا، و لكنه في نفس الآن محبب لدينا جميعا، فالعديد من الصور تبدو كأنها فرص نادرة للعديد من الأشخاص تم اقتناصها كي تسقط في شباك الواتساب، و يتم تداولها على وجه السرعة و كأنها تشبه فيروسا ينتشر بسرعة و قد يصيب الملايين بالزكام، فترى الآخرين يتلقفونه بسرعة، و يبعثونه على وجه السرعة أيضا. و لذا قد يصل إليك فيديو لفتاة اغتصبت مثلا أو في وضعية جنسية و قد تضيع للأبد، أو أطفال مثلا تم التغرير بهم ووضعت أجسادهم في فيديوهات قد تضر بهم و بمستقبلهم، و تجعلهم عرضة للتهكم و السخرية إضافة إلى تصييد المشاهير في أوضاع مخلة بأجساد عارية، إلى غير ذلك، بحيث تبدو لنا هذه الفيديوهات هي ملح الواتساب الذي يجعله يزغرد و كأنه عثر على ضالته في اليوم السعيد، و جعله ينتشي عبر العالم.

يشبه الواتساب أحوال الناس في الحياة اليومية، فنتيجة للحالات النفسية التي يعاني منها الأفراد تأتي النكات المنحرفة و الأقوال المأثورة في الجنس أو القصص الغريبة، بمثابة تنويع للحياة اليومية. لذا ينشغل الفرد بكل ما هو جديد يحدث لأصدقائه و المشتغلين معه، لكنه قد يصاب بالعدم حين تمتد أياد شريرة إلى أبنائه أو زوجته، آنذاك يشعر بأن الأمر لم يعد مجرد لعبة مسلية.

يبدو الواتساب و كأنه جاء هكذا بوضعه المجاني كي يتسامر فيه الناس، و يتحدثوا عن أحوالهم و ما يضر بهم رغم المسافات الجغرافية و كأنه رحيم بعباد الله، لكننا شأنا أم أبينا هو جهاز استخبراتي يريد أن يشرئب بعنقه كي يعرف ما الجديد، و عم يتحدث كل الأشخاص عبر العالم.

نحن ننتظر الجديد من أصدقائنا و أحبتنا عبر العالم، لكننا في نفس الآن ينبغي أن نتبادل معارف أخرى تجعلنا ندرك العالم و هو يتغير إلى أرقى الحالات، و السؤال الذي يظل مطروحا، لماذا ننتظر من الواتساب أحط الأخبار و أدناها و أسفلها فقط، كي ننسى  اللحظات العصيبة التي نمر منها في حياتنا الروتينية، و كأننا ننتظر منه ذلك الخبر اللذيذ الذي يجعلنا ننسى أننا هنا.

صباح الخير أيها العالم….

أتأمل العالم بعيون ضاحكة، و في قلبي الكثير من الأمل و أنتظر المزحات البيضاء التي لا تصيب الآخرين، و أتعاقد على الجمال فقط الذي يجعل العالم في أبهى احتمالاته، و أن لا أنسى أن ما يصيبني من سهام قد يصيب غيري، لذا حين أرتع في عوالم الواتساب، لا أنسى أنني أعيش بداخل أسرة و وسط الأحبة فقط…

 

نورة المرضي / بريس تطوان


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.