بريس تطوان
كان والدي المعلم أحمد أشتيب – رحمة الله عليه – يقول لي: “إن تفسير الكتب فيه الرزق، وفيه الأجر عند الله. لأنك بقدر ما تقتات منه، بقدر ما تحافظ على الفكر والعلم من التلف والضياع”. ياسين أشتيب
(قيدوم المسفرين بتطوان).
- كانت ولادته سنة 1924 في “بني زجل” الغمارية. استشهد والده برصاص الاستعمار الإسباني في مسقط رأسه. وكان عالما فقيها، يرحل إلى مدينة وهران الجزائرية على قدميه، لتدريس القرآن وعلومه.
- والدته كانت تشارك زوجها في الجهاد ضد الاحتلال الإسباني في حرب الريف المجيدة، حيث كانت تتكفل بتطبيب جرحى المجاهدين، وتأمين المؤونة لهم بروح وطنية عالية.
- نشأ أحمد أشتيب في أجواء سياسية مضطربة، فهاجر إلى مدينة تطوان لدراسة القرآن وعلوم الدين، وهو لا يتجاوز الحادية عشرة من عمره. لكنه سيتحول من طلب العلم إلى صناعته.
- التحق بالمطبعة المهدية الكائنة حينذاك في شارع عبد الخالق الطريس. وتعلم فن الطباعة وألم بأسرارها، وكان عمره 16 عاما (1932). دخل المطبعة كمتعلم يقوم بتفصيل الورق تحت إشراف الإسباني موراليس. ولم يخرج منها، إلا بعد إقفال أبوابها بصفة نهائية سنة 1974، وهو معلم تقني رفيع المستوى.
- تعلم في تفسير الكتب داخل المطبعة المهدية، وأتقن هذه الصناعة إلى حد أنه أصبح أشهر مسفر كتب في شمال المغرب.
- كان يستقدم معه العديد من الكتب إلى بيت الأسرة في “باب العقلة” بغاية تسفيرها، وكانت زوجته تساعده في عملية التسفير. ثم بدأ أبناؤه يقومون بدور المساعد خلال عطل نهاية الأسبوع والعطلة الصيفية مقابل سنتيمات كان يعطيها لهم.
شهد بيته تسفير عدد لا يحصى من أمهات الكتب لفائدة المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان، وهي المكتبة التي ظل يشتغل لصالحها زهاء خمسة وعشرين سنة.
- في بيته تم تسفير الطبعة الأولى من متاب “تاريح تطوان” للمؤرخ الفقيه محمد داود. وفي الفضاء نفسه قام أحمد أشتيب بمساعدة أبنائه بتسفير مجموعة هامة من مؤلفات الشيخ محمد المكي الناصري والتهامي الوزاني وعبد الله كنون. وهذا الأخير كان صديقا حميما لأسرة أشتيب، وكثيرا ما حل ضيفا عليها عند زيارته إلى تطوان، كما أن العلامة سعيد أعراب كان صديقا له، ومن بين المتعاملين معه.
- إلى جانب احترافه لفن تسفير الكتب، كانت لأحمد أشتيب أنشطة سياسية حزبية مكثفة، فقد انخرط سنة 1958، بعد سنتين من استقلال البلاد (1956)، في الاتحاد المغربي للشغل، ثم انخرط، خلال السنة ذاتها في حزب الاستقلال.
- أسهم في تطوير فن الطباعة، حيث أسس مطبعة خاصة به أطلق عليها اسم “مطبعة ابن عرضون”، بعد إقفال المطبعة المهدية.
- كان له الفضل في إنقاذ عدد كبير من الكتب والمجلدات الهامة والنادرة من خلال إتقانه لعملية تسفيرها والحيلولة دون اندثارها وضياعها.
- توفي أحمد أشتيب سنة 1990، عن عمره يناهز 66 عاما، وتكفل ابنه ياسين، وارث مهنة أبيه بالإشراف على المطبعة، لضمان استمرار هذا الفن الرفيع.
نقلا عن كتاب رجال من تطوان
للمؤلفان: محمد البشير المسري -حسن بيريش
منشورات جمعية تطاون أسمير
(بريس تطوان)
يتبع…