رواية “التطاونيات”… مخاطر تحدق بفطومة - بريس تطوان - أخبار تطوان

رواية “التطاونيات”… مخاطر تحدق بفطومة

بريس تطوان

المشهد السابع: مخاطر تحدق بفطومة

عندما خرج “أنطونيو”الذي يدعيأنه رجل أعمال كبير في إسبانيا وأنه مدير لعدد من دور النشر والتوزيع بمدريد، وهو غاضب جدا بعدما رفضت فطومة بيعه تلك التحف والوثائق والمخطوطات النفيسة، ولقنته درسا قويا في استقامتها ووطنيتها وحبها للتراث الأصيل وشجاعتها، كما أنه لن ينس أبدا ذلك المشهدلما قالت له: “نحن المغاربة لا نبيع تراثنا وقيمنا، لأن مبادئنا وأخلاقنا وقيمنا لا تسمح لنا بذلك، فافعل ما شئت أيها الرجل”. حينها اندهش الطلبة وزوار المتحف من انفعال هذا الاسباني كما استغربت “ماريا أنخليس” لهذا التصرف الطائش فرفعت رأسها لتنظر إلى هذا الاسباني فإذا بها تعرفه وقالت بصوت منخفض إنه اللئيم “أنطونيو”، قال طلبة “ماريا أنخليس”هل تعرفينه قالت: نعم أعرفه منذ زمان بعيد. عندما خرج “أنطونيو” توجهت “ماريا أنخليس” نحو فطومة وقالت لها: ماذا حصل؟

قالت فطومة لا شيء إنه الجشع فقط،

قالت “ماريا أنخليس”: ماذا تقصدبإنه الجشع؟ لم أفهم؟

قالت فطومة: هذا الرجل الاسباني أراد أن يشتري كل هذه المخطوطات والوثائق النفيسة مقابل ثمن خيالي لكنني رفضت فلا أريد استبدال هذا التراث الهائل بالمال الفاني. فأخذته العزة بنفسه ظانا أنه يمكن أن يشتريني بالمال، ولما رفضت وكنت صارمة في هذا القرار فقد صوابه وتصرف كما رأيتِ. وليست هذه المرة الأولى التي يتشاجر معي، بل منذ عدة أسابيع وهو يراودني على هذه الوثائق والمخطوطات.

طلبت “ماريا أنخليس” من فطومة أن تدخلا إلى المكتب حتى لا يسمعهما أحد. دخلتا الإاثنتين وبعد إقفال الباب قالت ماريا: هل تعرفين هذا الرجل؟

قالت فطومة: يقول إنه رجل أعمال بمدريد ويملك عدة دور للنشر كما زعم أنه صحفي مرموق ومعروف على الصعيد الدولي ومحرر لعدة جرائد بإسبانيا.

قالت “ماريا أنخليس”: لا تكوني مغفلة، هذا الرجل أعرفه جيدا، فرغم أنه ابن جلدتي فأنا أخبرك بأنه شخص خطير، فلا هو رجل أعمال ولا هو صاحب دور النشر.

قالت فطومة مندهشة: ومن يكون هذا الرجل؟

قالت “ماريا أنخلس”: هذا الرجل اسمه “أنطونيو رودرغيس خيل” يتستر تحت غطاء الصحافة وينتحل صفة مراسل صحفي في تطوان وطنجة لمزاولة مهام استخباراتية دنيئة، خدمة لمصالح القنصلية الإسبانية والبريطانية والفرنسية.

قالت فطومة: ومن أين تعرفينه؟

قالت “ماريا أنخليس”: كل مساء نجتمع فيما بيننا نحن الإسبان بنادينا “دار إسبانيا” هنا بتطوان، يأتي هو أيضا كل يوم، ومع مرور الأيام تسربت أخباره بين جميع أعضاء النادي بأنه مخبر. فتقصيت عنه وعن الدور المنوط به هنا بتطوان، فوجدت أنهمكلف بجمع جميع الوثائق والمخطوطات والمعلومات التي تعكس تفكير وعادات المغاربة وما يؤثر في شخصياتهم، سواء تلك التي جاءت من الأندلس أو من غيرها. ويرسلها إلى مدريد. كما أن له دورا خطيرا آخر هو التجسس على الإسبان المقيمين بتطوان ومعارضين للحكم “الفرنكاوي”. وسبق له أن تتبع خطواتي وحركاتي وأنشطتي التي امارسها بتطوان.

قالت فطومة: قد أتفهم أنه جاسوس عليكم لكن ما علاقته بالمخطوطات والوثائق العلمية؟

قالت “ماريا أنخليس”: أظن أن هناك صراعا قويا بين فرنسا واسبانيا بمن سيتحكم في مدينة طنجة. فهناك اجتماعات دورية يقوم بها الزعماء الأوروبيون في مدينة الجزيرة الخضراء “بإسبانيا” لدراسة من سيسير وسيتحكم في مدينة طنجة. فرنسا وإسبانيا تتنافسان على هذا الامر. وكل واحدة منهما تقدم ملفات حول إنجازاتها في الأماكن المهيمن عليها. ففرنسا هي بدورها قامت بتأسيس لجنة علمية استخباراتية بطنجة للقيام بنفس الشيء يترأسها عالم سوسيولوجي يدعى ” إدوارد ميشو بلير”، فهؤلاء رغم أنهم علماء فهم أيضا رجال مخابرات يشتغلون لصالح بلدانهم في مجال “السوسيولوجيا الكلونيالية”. لهذا أرجوك أختي فطومة خذي حذرك، واحمي نفسك وأبنائك وزوجك واحرسي جيدا على هذه الوثائق. هؤلاء المخبرون أعرف خطورتهم عندما يريدون الوصول إلى أهدافهم وغاياتهم، فهم يستعملون كل الوسائل والطرق المشروعة منها وغير المشروعة.

عندما شعرت فطومة أن حياتها أصبحت مهددة، وأن المخطوطات والوثائق الثمينة قد تتعرض للخطر في أي وقت، وهي منشغلة ولها مهام كثيرة ومتعبة ومكلفة للوقت والجهد. خافت على تلك الوثائق النفيسة الموجودة في المتحف بالخصوص عندما حذرتهاصديقتها الإسبانية من ذلك الرجلالخطير “أنطونيو” المُخبر الدنيء الذي يعمل لصالح القنصلية الاسبانية والبريطانية والفرنسية. فوضعتها في خمس صناديق وأخفتها عن الأنظار في دهاليز منزل جدتها راضية مخافة أن تضيع كل تلك الوثائق النفيسة والفريدة. وتركت في المتحف بعض المخطوطات التي لها نسخا منها والكتب والمجلات كما طلبت من موظفي المتحف أن يأخذوا الحيطة والحذر.

الكتاب: التطاونيات

للمؤلف: د.عبد الوهاب إيد الحاج

منشورات جمعية التراث والتنمية والمواطنة

(بريس تطوان)

يتبع…


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.