رجاء.. كما استطعتم تحريك جبل حركوا رجال إنفاذ القانون، تفاديا لتكرار المأساة - بريس تطوان - أخبار تطوان

رجاء.. كما استطعتم تحريك جبل حركوا رجال إنفاذ القانون، تفاديا لتكرار المأساة

انفطرت القلوب على الرحيل المفجع للطفل ريان الذي أصبح خالدا كأيقونة جميلة للتضامن الإنساني، كانت الواقعة الأليمة اختبارا متعدد الفصول للدولة وللمجتمع وللإنسانية، نجح من نجح وفشل من تخلف عن الموعد وكان متاجرا بألام لا يمكن أن تنسى.

وعلى امتداد خمسة أيام ونحن نعاني مع الطفل ريان عتمة الحفرة البئيسة، وضيق التنفس، والاغتراب القاتل، كنا نمني النفس بفتح مذهل تسطره الدولة وهي ترسم ملحمة خالدة بكل ما أوتيت من إمكانيات في منطقة شديدة الوعورة.

كان العقل ينزل حساباته السوداوية، وكان القلب المعتصر بالألام يضع الأماني ويدافع عنها، وقد استحضر قصص الأنبياء والمعجزات، وكانت حياتنا رهينة بشاشات التلفاز تحاول اقتناص الجديد، كما كانت أناملنا متحسسة لأجهزة الهاتف علنا نحضى ببعض الأمل.

كانت مواقع التواصل الاجتماعي تغلي بالانباء والصلوات، وكنا نتبع وميضا من الأمل علنا نبتهج مع والدي هذا الطفل الجميل.

وبالتأكيد كانت هذه المواقع التواصلية سباقة للترويج للواقعة والحث على بذل الجهود وهو ما تزامن مع تدخل للدولة بكل ثقلها المادي والمعنوي.

لكن مع الأسف الشديد انحرفت ظاهرة التدوين عند البعض عن مسارها الحميد إلى مزايدات، تماما كما حدث لبعض العمل الصحفي، مما دفع بنقابة الصحفيين إلى إصدار بيان حاول تصحيح بعض الخلل.

في هذا الخضم المرير برز انتهازيون حاولو الاتجار بصور وألام هذا الطفل، بل ظهر من حاول النصب بإسم والده، كما ظهر بعض تجار الدين أيضا في محاولة ركوب على الحادث وتوظيفه بعيدا عن محاولات حل تداعياته بشكل إنساني.

هذا التشخيص يفرض علينا وفاء للذكرى الطيبة لهذا الولد أن نقرر القطع مع نقطتين ملحتين وأنيتين.
الأولى: تتعلق بوجوب مراجعة موقف الدولة من حفر أبار الصوندا وتفعيل المادة 28 من القانون رقم 15.36 المتعلق بالماء وهي المادة التي توجب الحصول على رخصة من أجل حفر الأبار أو الثقب بغرض جلب مياه جوفيه أو البحث عنها.

كما يجب وضع دفتر تحملات صارم حول هذه التقنية يراعي شروط السلامة والأمن.
لقد تعدد المتدخلون في مراقبة احترام هذا القانون بين السلطات الترابية والضابطة القضائية وشرطة الماء، لكن مازال إقليم شفشاون يشهد رواجا منقطع النظير، وإقبالا كبير على تقنية الصوندا، دون اللجوء إلى مسطرة الترخيص، وهو الأمر الذي يسائل هذه السلطات عن سبب سكوتها عن المراقبة وتغاضيها عن الحزم، سيما وأن عمليات الحفر تتم بمعدات ظاهرة.

كما أن الأمر لا يقف عند الصوندا بل يتجاوزه إلى البرك الاصطناعية لتعبئة المياه، وهي برك غير قانونية أيضا وتعرف عدة حوادث.

أما الثانية، فهي وجوب تصحيح ثقافة التدوين، من خلال نشر التوعية، وتقنين استعمال وسائل التواصل الاجتماعي، واحترام العمل الصحفي لأدبيات المهنة وتفعيل الضبط الإجتماعي لذلك.

ولعل أكبر رسالة يمكن أن تستلهمها الدولة بهذه المناسبة هي رسالة التنمية الشاملة للمنطقة، والمغرب ككل لأنها دولة تستحق الأفضل وقد أبانت السلطات والشعب عن تلاحم كبير ووحدة عظيمة كانت محل غبطة من الجل وحسدا من البعض.

أخيرا أقول شكرا لنا على تحريك الجبل من أجل إنقاذ طفل، على أمل شكر نطلقه قريبا بعد فرض احترام القانون، وإطلاق التنمية الشاملة.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.