حقيقة الحرب المستعرة بين جماعة الفنيدق والسلطات المحلية - بريس تطوان - أخبار تطوان

حقيقة الحرب المستعرة بين جماعة الفنيدق والسلطات المحلية

كشفت أشغال الدورة العادية لشهر فبراير 2020 بمجلس جماعة الفنيدق، والتي لم تعرف التصويت على أية نقطة مدرجة في جدول الأعمال، عن حقيقة الصراع الكبير بين بعض مكونات المجلس الجماعي والسلطات المحلية في شخص باشا الفنيدق.

الصراع الذي كان خفيا لدى الرأي العام المحلي وعموم المتتبعين إلى غاية انعقاد هذه الدورة ظهر للعيان بشكل واضح، ويشير، بحسب متتبعين للشأن المحلي بمدينة الفنيدق، إلى خطورة ما يجري بين مؤسستين يفترض فيهما التكامل والتعاون من أجل خدمة قضايا الساكنة المحلية والإجابة على انتظاراتها والبحث عن حلول مشتركة لها.

“بريس تطوان” تعيد تركيب صورة أسباب الخلاف بين مؤسسة الجماعة وبين ممثل وزارة الداخلية بالفنيدق وتبحث عن مصير هذا الصراع ومدى تأثيره على السير العادي لقضايا أقرب مدينة مغربية إلى سبتة المحتلة.

صراع المصباح والداخلية

بدأت نعرات الخلاف بين المسؤول الأول عن السلطة المحلية بالفنيدق وبعض أعضاء المجلس الذي يسيره حزب العدالة والتنمية تشتعل بعد تشكيل المجلس المسير لمجلس الجماعة المنبثق عن الانتخابات الجماعية لشهر شتنبر 2015. مصدر متتبع للشأن السياسي بمدينة الفنيدق يرى في الأمر “محاولة تقزيم” من طرف السلطات المحلية لأدوار المجلس الجماعي الذي يقوده البرلماني عن حزب المصباح محمد قروق، مشيرا أنه “مع الشعبية الكبيرة التي يحظى بها حزب العثماني بمدينة الفنيدق، أصبح لزاما فرملة هذا الزحف والعمل على خلق توتر بين مكونات المجلس بهدف خلق زعزعة داخله”، وهو ما حدث بالفعل في الشهور الأخيرة، يضيف المصدر.

الدورة العادية لشهر فبراير الماضي أماطت اللثام عن بعض هذه التفاصيل، فأن يعمد باشا مدينة الفنيدق إلى التدخل في أشغال الدورة دون أن يطلب الكلمة وأن يشرع في توجيه الاتهامات هنا وهناك لبعض أعضاء المجلس، تؤكد، بحسب عضو بارز في الفريق المسير بالمجلس، بما لا يدع مجالا للشك “محاولة ممثل السلطة المحلية تأجيج الخلاف بين مكونات المجلس الجماعي”.

ملفات التعمير

شكل ملف التعمير وما يتضمنه من أدوار للجماعة في منح الرخص الخاصة بالبناء والإصلاح وتسوية الوضعية من جهة، ودور السلطات المحلية في مراقبة احترام معايير منح هذه الرخص من جهة أخرى، دورا محوريا في خلق بؤر توتر عديدة بين باشا الفنيدق وبين المكتب المسير للجماعة. ظلت السلطات المحلية تنظر بعين الريبة لتدخلات الجماعة في تدبير قضايا التعمير؛ تتهم السلطة مسؤولي الجماعة بمنح رخص انفرادية حينا والتواطؤ من أجل تشجيع البناء العشوائي ببعض الأحياء بالفنيدق حينا أخر. بالمقابل، يتهم بعض أعضاء المجلس سلطات المدينة، بالكيل بمكيالين في الحد من ظاهرة البناء غير المرخص، و”الاغتناء” والازدواجية في اتخاذ قرارات الهدم لبعض البنايات غير القانونية. وبين ثنايا هذه الاتهامات المتبادلة، استعر لهيب التوجس بين الجانبين ووصل في كثير من الأحيان إلى مكتبي عامل عمالة المضيق الفنيدق ووالي جهة طنجة تطوان الحسيمة اللذين أعربا في كثير من المحطات عن غضبهما من طريقة تدبير ملف التعمير من لدن الفاعلين المحليين بالمدينة سلطات ومجلس منتخب.

لجنة تحرير الملك العمومي… القشة التي قسمت ظهر البعير

منذ أكثر من سنة تتواصل حملات “تحرير الملك العمومي” من مظاهر الاحتلال العشوائية من طرف الباعة الجائلين وبعض المحلات التجارية والمقاهي. تم خلق لجنة مختلطة تضم السلطات المحلية ومصالح جماعة الفنيدق. تنزيل برنامج هذه اللجنة عرف في الكثير من المحطات عراقيل كثيرة حول جدوى التدخلات ومصيرها واستمراريتها ومدى نجاعتها وتعميمها على كافة النفوذ الترابي للمدينة. اتهم بعض نواب رئيس جماعة الفنيدق السلطات المحلية بعدم الجدية في تحرير الملك العام وتنظيم المدينة، إضافة إلى التواطؤ مع بعض المحتلين بهدف الضغط على الجماعة وتشويه صورتها أمام المواطنين وتقديمها على أنها عاجزة عن تنظيم الملك العام. بالمقابل يرى فاعلون جمعويون بالفنيدق، ممن استقت الجريدة رأيهم، أن السلطات المحلية يفترض أن تطبق الإجراءات الزجرية لتحرير الملك العمومي والضرب بيد من حديد على بعض المحتلين الذين حولوا بعض شوارع المدينة إلى أسواق عشوائية وهو “ما يشوه المدينة ويقلل من جاذبيتها السياحية”.

بدأ صيت حملة تحرير الملك العمومي بالفنيدق يتراجع، خصوصا مع حدة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعرفها المدينة منذ أشهر، وهو ما ساهم في إعادة النظر في هذه الحملة والبحث عن بدائل ناجعة للباعة الجائلين بالمدينة.

الجدل حول المادة 92 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات

شهدت إحدى الجلسات الخاصة بالدورة العادية لشهر فبراير 2020 جدلا كبيرا بين باشا مدينة الفنيدق وبلعيد السدهومي النائب الثالث لرئيس الجماعة بخصوص زيارة هذا الأخير لمدينة إسبانية للمشاركة في فعاليات مؤتمر دولي بين بعض جماعات شمال المغرب والأندلس. قال الباشا لنائب رئيس الجماعة أنه “كان عليك أن تأخذ إذن الزيارة من والي الجهة وفق المادة 92 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات”. استغرق باشا الفنيدق في كلمته ضد نائب رئيس الجماعة حوالي نصف ساعة، موجها كلاما اعتبره بعض الحاضرين في أشغال الدورة أنه “توجيهات فوقية تتنافى مع الأدوار والاختصاصات الموكولة للجماعة، وتقف سدا منيعا مع مبادى الاستقلالية والتدبير الحر المفترضة في عمل المنتخبين الذين لا يحتاجون إلى توجيه أو تدخل من أحد”. رد نائب رئيس الجماعة كان قويا ضد باشا الفنيدق حيث أخبره أن الملتقى الدولي كان بحضور مسؤول رفيع المستوى بوزارة الداخلية، وجماعة الفنيدق تعد واحدة من الجماعات المغربية المنخرطة في علاقة شراكة قوية تجمع بين جماعات شمال المغرب والأندلس، رد نائب الرئيس لقي تعاطفا من قبل محمد قروق المسؤول الأول عن الجماعة، الذي اعتبر رد الباشا “تدخلا” في شؤون المجلس الذي يحظى بالاستقلالية ويخضع لسيادة القانون.

في انتظار ما ستكشف عنه قادم الأيام حول انعكاسات الخلاف بين ممثلي السلطتين التشريعية والتنفيذية بالمدينة، تعيش جماعة الفنيدق على صفيح ساخن بعد أن فقد رئيسها أغلبيته العددية المسيرة للمجلس، وسط الحديث عن رفع باشا مدينة الفنيدق لتقارير دقيقة حول ما يجري داخل أسوار الجماعة والتي ستحدد بنسبة كبيرة مصير كرسي الرئاسة في الشهور المقبلة.

بريس تطوان


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.