تطوان المدينة المنظرية ... بقايا الثقافة الأندلسية - بريس تطوان - أخبار تطوان

تطوان المدينة المنظرية … بقايا الثقافة الأندلسية

بريس تطوان

ويروي أن المهاجرين الأندلسيين قد احتفظوا بسندات الملكية وكذا بمفاتيح دروهم التي أرغموا على تركها في إسبانيا. وإذا كان في هذا الزعم قدر كبير من الأساطير، فما لا يمكن إنكاره هو ذلك الاستمرار العجيب لذريات أقدم العائلات الأندلسية (الأعيان الأندلسيون) وحفاظها المتميز على عاداتها وتقاليدها، ذلك الحفاظ المقرون بالحنين الدائم إلى الأندلس؛ وهي سمات بارزة ميزت الشعوب التي أفقدت أعز ما لديها.

وتبقى تطوان مع فاس والرباط – سلا معقلا من أشد المعاقل تحصينا للثقافة الأندلسية في المغرب.

غير أنه إذا كان الإرث الأندلسي يتجلى بوضوح في عدة جوانب من الحياة اليومية (الطبخ والموسيقى)، فإن ما وصلنا من الثقافة المادية يعتبر ضئيلا، وربما وجدت بعض هذه الآثار الملموسة في المكتبات، الخاصة منها على وجه الخصوص، حيث تحفظ مخطوطات غرناطة القرون الوسطى ومدن أندلسية أخرى. وفي الماضي كانت توجد في المدينة أسياف مأثورة خاصة عند عائلة الخطيب قبل أن يستولي عليها الإسبان سنة 1860.

ولقد مكنت العزلة النسبية لمدن مغرب ما قبل الحماية من الحفاظ على العناصر الثقافية الحضرية والجهوية الخاصة وتمييزها. وهكذا فإن اللهجة التقليدية وطريقة النطق والزي والتقاليد الإجتماعية التطوانية لا تزال متميزة. وتلبس نساء قبائل جبالة وناحية تطوان لباسا يشبه لباس النساء المدجنات ونساء غرناطة، بقبعاتهن الشاسعة الحواشي وردائهن القصير ولفائف سيقانهن. ويمكن أن نعاين الزخارف النصرية والمدجنة الأصل في الحلي والمطرزات التطوانية التقليدية. ومن بين القلائد المألوفة في تطوان، هناك قلادة لا زالت تستعمل في زينة العروس، وهي تتكون من عدة سموط من اللؤلؤ تتخللها كريات من الذهب؛ وتشبه هذه القلادة إلى حد كبير بعض الحلي النصرية التي لا زالت محفوظة، ولقد اشتق اسمها التطواني (الماصو) مباشرة من الاسم القشتالي “ماثو” (mazo).

وتعتبر تطوان أيضا المدينة الوحيدة في شمال إفريقيا حيث لا زالت المطرزات تنمنم بتواشي نصرية ومدجنة. ويجمع النمط المسمى بنمط “الشاون” بين السردات المنبسطة والطرز وإطباقات من الجلد والمخمل منمنمة بخيوط من الذهب والفضة، وتتعاقب فيه أشرطة ملونة واسعة وزهور رسمت بطريقة تزيينية داخل مسدسات ومعينات متكررة، وتتوسط زوايا المطرز نجمة ثمانية، وهذه الأشكال لا يمكن أن تقارن إلا بالطرز الإسباني الإسلامي في إقليم غرناطة، وبالبسط المدجنة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر والتي انمحى أثرها بعد ذلك.

وإذا كانت أغلب الشواهد على هذا الطرز الأندلسي التطواني لا ترجع إلا إلى القرن التاسع عشر، فإن بعض بقايا الطرز المذكور تعد أقدم، فهي ترجع إلى القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وهي فترة أول ترحيل للثقافة الأندلسية. وتشهد بقايا هذا الطرز على ثقافة حافظت عليها المدينة بأمانة خلال ما ينيف عن أربعة قرون.

العنوان: تطوان الحاضرة الأندلسية المغربية

المؤلفين: جون لوي مييج/امحمد بن عبود/نادية الرزيني

منشورات جمعية تطاون أسمير

(بريس تطوان)

يتبع…

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.