تطوان المدينة المنظرية ... الزنزانات - بريس تطوان - أخبار تطوان

تطوان المدينة المنظرية … الزنزانات

بريس تطوان

أشهر هذه الزنزانات – وهي في الواقع من بين آثار مدينة القرن السادس عشر التي لا يعرف عنها الشيء الكثير – هي المطامير (أو الماثموراس بالإسبانية mazmorras). ولقد أسست تطوان فوق أرض كلسية توجد تحتها تجاويف متعددة تشكل شبكة من الممرات النفقية تقطع المدينة من الغرب إلى الشرق. وكان حوالي ثلاثة آلاف عبد مسيحي الذين ساهموا في بناء تطوان خلال القرن السادس عشر يحبسون ليلا في هذه الدياميس. ولا زال هذا الحبس موجودا اليوم تحت “البلد”، وله منفذان معروفان في حومة المطامر الحالية التي اشتق اسمها من السجن المذكور. وكانت هذه الأنفاق قد درست سنة 1921، إلا أن منافذها سدت بعد ذلك مع الأسف. وكان السجن التحأرضي قد أعد في التجاويف الكلسية التي قسمتها أسوار من الآجر إلى حجر، وكانت الحجرة الأحسن إعدادا تحوي بيعة صغيرة، شكلها ثلاثي الفصوص.

وتخللت جدار صدر البيعة وجانبا المصلى جنايا نصف دائرية، بينما نمقت المذابج ببلاطات إسبانية تمتد تواريخ صنعها من نهاية القرن الخامس عشر إلى القرن الثامن عشر، وكان آباء الكنيسة الفادون الإسبان يتلون فيها القداس للعبيد، وفي نهاية القرن السادس عشر حصل الرهبان الفرانسيسكان على ترخيص لإقامة مستشفى في الحبس المذكور.

ولقد استمر استعمال هذه الدياميس خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر. وحسب إيمانويل دارنطي (Emmanuel d’Arante) الذي كان محبوسا فيها في منتصف القرن الثامن عشر (1740 – 1741)، فإنها كانت تأوي آنذاك مئة وسبعين عبدا إسبانيا وبرتغاليا كانوا ينتظرون فداءهم من الأسر. ولقد وجد دارانطي (d’Arante) ظروف المطامير أسواء حالا من تلك التي عاشها في سجن الجزائر الشهير حيث حبس من قبل. أما جيرمان مويط (Germain Mouette) الذي تعرف عليها، فإنه يتحدث عن هذه الدياميس وكأنها قبور للأسري. ولقد ترك رحالة العصر وصفا لهذه “المطامير”، نذكر منهم الأب اليسوعي كونطريراس ( Contreras) الذي زارها سنة 1539 وأقام القداس في البيعة التحأرضية، والمبشرون البرتغاليون إيغناثيو فوغادو (Ignacio Vogado) وخوان نونييث باريطو (Juan Nunez Barreto) أو لويس إيغناثيو غوثالبيس دا كاميرا (Luis Ignacio Goçables da Camera) سنة 1548. ولقد وصلتنا صور هذه السراديب التي لا يمكن رؤيتها اليوم، وترجع هذه الصور إلى كشوف العشرينيات من هذا القرن، وهي محفوظة اليوم في قسم الصور الشمسية في المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان. وإذا كانت “المطامير” مقبرة حقيقية للأحياء، فلقد كانت توجد في تطوان أيضا مقبرة مسيحية، ولكن للموتى، مسماة كابويينو (Cabollino).

العنوان: تطوان الحاضرة الأندلسية المغربية

المؤلفين: جون لوي مييج/امحمد بن عبود/نادية الرزيني

منشورات جمعية تطاون أسمير

(بريس تطوان)

يتبع…


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.