تطوان.. الفضاء المديحي للنساء - بريس تطوان - أخبار تطوان

تطوان.. الفضاء المديحي للنساء

– بريس تطوان –

وكما أشرنا سابقا إلى الدور الغنائي والمديحي لنساء وجواري سيدي عبد السلام ابن ريسون، نجد أيضا الشيخ سيدي محمد الحراق المؤسس الكبير للطريقة الحراقية يهتم أيضا بدور النساء في السماع والمديح والذكر وقد أحدث منزله بيتا خاصا لنساء المدينة يجتمعن فيه في الأعياد والمواسم الدينية لينتظمن في تجليات الذكر والمديح الصوفي الصوفي بأصوات نسوية من صفوة المريدات المنتسبات للزاوية، وغالبا ما كن أزواج الفقراء والمنتسبين للطريقة، وتدرج على نفس الطريقة الشيخ سيدي ادريس الحراق الذي خصص للنساء الفقيرات المنتسبات للزاوية الحراقية حلقات منعزلة بهن للذكر والمديح والسماع، تقام ببيته في المناسبات الدينية والأعياد الموسمية على غرار حلقات الذكر للفقراء بالزاوية الحراقية. وقد فرضت هذه العادة بعد توافد العديد من أعيان القبائل صحبة نسائهم لحضور هذه المواسم الكبرى بالمدينة، فكانت تخصص لهؤلاء النسوة أماكن خاصة بمنزل الشيخ للإيواء والأكل والمديح حتى انتهاء الموسم.

وقد استطاع الشيخ سيدي إدريس الحراق تأثرا بجو الطرب والغناء وفن المديح والسماع الذي يعيش فيه مع زمرة خاصة من الفنانين والمهتمين بشؤون الطرب من أعيان المدينة وعلمائها وفقهائها وغيرهم، أن ينقل هذا الجو نفسه إلى نسائه وبناته وقريباته، اللائي كن يحفظن الأشعار والأزجال وقصائد المديح ويرددنها بأصواتهن الحسان.

وكانت الفاضلة المرحومة خالة والدي رحمها الله وأم الفنان الراحل عبد الصادق اشقارة الشريفة الجليلة للا السعدية الحراق، هي المقدمة التي عينها الشيخ سيدي إدريس الحراق على فقيرات الزاوية، وبما أعطاها الله من صوت حسن وذاكرة الحفظ، فقد كانت تترأس هذه الحلقات النسوية في المواسم الكبرى، إضافة إلى الموسم الأسبوعي الذي كان ينظم كل جمعة سواء بالزاوية أو بالمنزل، فكانت الشريفة السعدية صحبة رفيقات لها من نساء الشيخ مثل الشريفة السيدة فاطمة العلوي، وعمتي أخت والدي السيدة كنزة الخراز التي عاشت يتيمة بدار سيدي إدريس الحراق حتى زوجها لأحد فقراء الزاوية من مدينة فاس، وزوجات بعض أعيان الزاوية مثل السيدة فاطمة غطيس، وفامة بايص، وعائشة بنشخطير، وعشوشة بن ادريس، وفاطمة بنت ادريس، والحاجة خدوجة الصوردو، والحاجة فطومة مزواق، والحاجة خدوجة مزواق، وعشوشة الغازي، ورحمة ماوان، وفامة ابن الأشهب، أم كلثوم شقور، وأمينة  بوزيان، وآمنة الإدرسي، وبعض المريدات الأخريات اللائي يقمن بتنظيم هذه الحلقات الأسبوعية، والتي كانت تلاقي إقبالا كبيرا نظرا للفراغ في مجال الغناء والطرب في أوساط المدينة، فكان المتنفس لهؤلاء النسوة هو الحضور الأسبوعي في منزل الشيخ للترويح عن النفس، بهذه الأطياف من صور الذكر والمديح، حتى تفننت فيه مجموعة من الأصوات النسوية، وقد ظلت الشريقة السعدية الحراق طيلة 60 سنة تقوم بدور الناظرة والمشرفة على رئاسة جلسات الأمداح النسوية بمنزل الشيخ سيدي ادريس، وسيدي عرفة من بعده، إلى أن لاقت الله تبارك وتعالى.

عن “الأجواء الموسيقية بتطوان وأعلامها”

لمؤلفه محمد الحبيب الخراز

(بريس تطوان)

يتبع…

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.