تطوان: أحمد الحداد الهارب من الأضواء - بريس تطوان - أخبار تطوان

تطوان: أحمد الحداد الهارب من الأضواء

بريس تطوان

كان لطيف العشرة، متواضعا تواضع العلماء، ودودا، يقدر الناس حق قدرهم، يبادلهم التحية بأحسن منها، بل يسبقهم بالتحية، وبالعناق أحيانا، بالرغم من منصبه السامي ومكانته الاجتماعية المفضلة. – عبد الله العمراني – (أستاذ باحث).

– ولد سنة 1891 لأسرة معروفة بالصلاح وحب العلم. حفظ القرآن في مسيد الفقيه عبد السالم الدهري، ثم تتلمذ على الفقيه محمد بن الأشهب، والفقيه أحمد بن حمزة الودراسي، حيث ختم القرآن على يد هذا الأخير.

– بدأ دراسته العلمية سنة 1327 للهجرة، ومن بين أساتذته، نذكر: أحمد العمراني، أحمد الرهوني، أحمد الزواقي، محمد أفيلال، الفقيه المورير ومحمد الفرطاخ.

– لم يشتهر فقط بعلمه الغزير، بل عرف أيضا بخطه المغربي الجميل، الذي لم يكن يضاهيه فيه أحد في زمانه وعصره.

– 1914 عين كاتبا في قسم الأملاك المخزنية، وفي سنة 1920 عمل كاتبا مساعدا بالصدارة. ثم كاتبا أول بها سنة 1931، ومديرا عاما للأحباس سنة 1935، ورئيسا بالمحكمة العدلية المخنية بصفته نائبا عن الصدر الأعظم أحمد الغنمية سنة 1936. ثم عين سنة 1939 عضوا بمجلس الأحباس.

– بعد وفاة الصدر الأعظم أحمد الغنمية، كلف بالقيام بشؤون الوزارة، بموجب رسالة من الخليفة السلطاني مولاي الحسن بن المهدي، مؤرخة في 22 دجنبر 1945.

– 8 أبريل 1948 أسندت إليه الصدارة بصفة رسمية، وأضاف إليها – بصفة مؤقتة – مسؤولية وزارة المعارف. وظل في منصبه الرفيع هذا إلى حين استقلال البلاد سنة 1956، وبذلك كان أحمد بن عبد الكريم الحداد آخر رئيس للوزارة في المنطقة الشمالية عهد الحماية.

– 1954 عينه الخليفة السلطاني مولاي الحسن بن المهدي رئيسا للوفد الشمالي، الذي توجه إلى مدريد لتقديم الاحتجاج إلى الجنرال فرانكو، إثر الاعتداء الذي طال العرش المغربي وأدى إلى نفي الملك محمد الخامس.

– اشتهر بفصاحة خطبه، ومنطقه الإقناعي الاستثنائي. وكان يخطب الجمعة في مسجد سيدي عبد الله الحاج البقال، ومسجد الباشا بالمشور. وكان الخليفة السلطاني الحسن بن النهدي يصلي وراءه.

– إثر انتهاء مهامه في خدمة الوطن، حول منزله، الواقع في زنقة الزاوية، إلأى منتدى رفيع المستوى، استقطب محبيه ومريديه من رجالات العلم والأدب. وفي فصل الصيف من كل سنة، كان هذا المنتدى الثقافي ينتقل إلى بيته المطل على نهر مارتيل، وكان من جلسائه: رئيس المجلس العلمي الحالي لتطوان عبد الغفور الناصر، وعبد الهادي الحسيسن، وأحمد الزواق، ومحمد بن الهاشمي، والفقيه الصردو، والعلامة أحمد بن تاويت، وإبناه محمد وعبد السلام… وكان المنتدى يعقد كل أربعاء بعد صلاة العصر.

– شكلت قيم النزاهة والزهد والقناعة شخصية أحمد الحداد الإنسانية. وكان في مواقع تخول له – لو أراد ذلك – أن يراكم الثروات، ويعيش في رخاء ونعيم. بيد أنه فضل أن يحيا كسائر الناس، بدليل أنه خرج من الوزارة وهو لا يملك من متاع الدنيا إلا القليل. وقد شملته رعاية الملك الحسن الثاني، الذي خصص له معاشا يستعين به على مطالب الحياة.

– “إن أبانا كان يتهرب في حياته من الظهور، واحتراما منا لنهجه هذا الذي اختاره لنفسه، نشكركم على مشاعركم نحو الفقيد، ونأمل منكم أن تكتفوا بالترحم على روحه، والدعاء له بالمغفرة والرضوان”. هكذا قال ولدا أحمد الحداد (محمد وعبد السلام) لجماعة من مريديه، حين عقدوا عزمهم على تنظيم حفل تأبين له إثر وفاته.

– 3 يناير 1986 توفي إلى رحمة الله ودفن في مسقط رأسه.

نقلا عن كتاب رجال من تطوان

للمؤلفان: محمد البشير المسري -حسن بيريش

منشورات جمعية تطاون أسمير

(بريس تطوان)

يتبع…


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.