برلماني بتطوان والديمقراطية الزائفة  - بريس تطوان - أخبار تطوان

برلماني بتطوان والديمقراطية الزائفة 

في الدول المحترمة التي تربط المسؤولية بالمحاسبة لا يتصور بتاتا أن ممثل الشعب بولاية أو منطقة مهما كانت درجة عزلتها ولو كانت توجد في قمم الجبال النائية ، حيث الصقيع والزمهرير ،أن يهرب من الساكنة ويختار الإقامة في العاصمة السياسية للبلد ،ليعيش حياة الصالونات المخملية بعيدا عن هموم ناخبيه ومشاكلهم ،لأن هذا التصرف يعتبر سلوكا غريبا بكل المقاييس، وقاتلا للديمقراطية ولدولة المؤسسات الحقيقية.

مناسبة هذا الكلام هو أن البرلماني المدعو” ر.ط.ع “والذي يحمل صفة وزير سابق ورئيس جهة سابق ورئيس جماعة ترابية سابق وغيرها من الألقاب ، امتهن حرفة غريبة تجعل المراقبين الدوليين يقتنعون بالفعل ،أن المغرب بلد الاستثناء في كل شيء ،حتى في مفهومه للديمقراطية التمثيلية ،ووظيفة النخب والأحزاب السياسية .

بعبارة أوضح فالبرلماني المذكور لا تجمعه بمدينته وساكنتها سوى المصلحة السياسوية فهو ليس بمقيم بالمدينة بكيفية قارة واعتيادية ، بل مجرد سائح وعابر سبيل، يحضر فقط في اليوم الموعود رفقة أنصاره وحوارييه لهدف واحد وأوحد يتمثل في حصد الأصوات أثناء الاستحقاقات الانتخابية من خلال فتح دكاكينه السياسية أثناء الحملات ،وبمجرد فوزه وتحقيق هدفه ، يتوارى عن الأنظار ويعود أدراجه إلى العيش بمدينة الرباط.

وبهذه الطريقة أصبح هذا الكائن الانتخابي المغربي يمارس بإتقان لعبة الثعلب الذي يظهر ويختفي كما ورد في القصة الرائعة للكاتب المغربي محمد زفزاف ،في انتظار انتخابات قادمة وهكذا دواليك تستمر هذه اللعبة الغريبة يمارسها بكل قبح ووضاعة وعبث ، البرلماني المذكور وهو في حالة عود كما تفسر ذلك فصول ومقتضيات القانون الجنائي.

ووصلت غرابة هذا السلوك السياسوي الانتخابوي في مغرب الغرائب والعجائب ، إلى حد أثارة انتباه مستشار سياسي معتمد بسفارة دولة عظمى بالرباط ،حيث انتقل هذا المستشار شخصيا في أحد الأيام إلى مدينة تطوان في اطار انفتاحه على مدن الهامش ومناطق المغرب العميق ، ليستفسر عن سر الضعف الشديد والفقر في إنتاج النخب المحلية، ولماذا يهيمن المركز على جل النخب والكفاءات ؟.

واستنادا إلى مصادرنا الدقيقة والتي نتحفظ بشدة على ذكر اسمها ،فان اجتماع هذا المستشار السياسي لتلك الدولة العظمى وهو صاحب تجربة طويلة بجميع دول الشرق الأوسط مع بعض ممثلي الأحزاب السياسية والحقوقية والمجتمع المدني تم التطرق فيه إلى ظاهرة البرلماني “ر. ط .ع ” على هامش النقاش.

وفي هذا الصدد تم بسط صلب الإشكالية التي كانت تتمحور حول أسئلة شائكة من قبيل كيف يمكن لشخص أن يجمع بين منصب محلي ومنصب مركزي؟ وهل فعلا يمكن للشخص أن يكون وزيرا ورئيس جماعة ترابية ؟ أين يجد الوقت الكافي للقيام بمهمته أحسن قيام ؟وكيف يعقل أن يتم استعمال مدن الهامش ومنها تطوان مثلا مجرد حصان طروادة للوصول إلى العاصمة الرباط لتحقيق مآرب شخصية بحتة ؟ ولماذا النخب المحلية تهاجر إلى المركز وتدير ظهرها لمدن الهامش وساكنتها في انتظار تحقيق الوعود الانتخابية الزائفة ؟.

هذه الأسئلة طرحت منذ 5 سنوات خلت لكنها لا زالت تجد راهنتيها وتبقى من الأسئلة الحارقة والمعلقة التي لم يستطع النظام السياسي والانتخابي المغربي تقديم اجابات حقيقية لها لحدود كتابة هذه السطور.

بعبارة أوضح إن سلوك البرلماني ” ر.ط.ع ” .الذي لا يجمعه بمدينته سوى اللحظة الانتخابية هو سلوك يضرب في العمق مفهوم الحكامة السياسية وأخلاقيات العمل الانتدابي و مفهوم الديمقراطية التمثيلية كما هي متعارف عليها دوليا ،وربما هذا السلوك العبثي يدفع العديد من المراقبين الدوليين على غرار المستشار السياسي للدولة العظمى المعتمد بسفارة بلاده بالرباط ،إلى رفع تقارير إلى بلدانهم تتحدث عن الديمقراطية الزائفة بالمغرب.

بريس تطوان


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.