الفنان سعيد الناصري يدخل "الكوميديا" المغربية إلى غرفة الإنعاش - بريس تطوان - أخبار تطوان

الفنان سعيد الناصري يدخل “الكوميديا” المغربية إلى غرفة الإنعاش

يعتبر فن الكوميديا على أنه شكل من أشكال الدراما، أو نوع مختلف من أنواع الفن، وهدفه الحقيقي هو التسلية، حسب تعريف المفاهيم الحديثة، وتعد الكوميديا هي عكس للمأساة، ومن جانب آخر نقيضا للهزل “المهزلة”.

ويرتبط التعريف التقليدي للكوميديا “بأرسطو”، وذلك خلال القرن الرابع قبل الميلاد، وبقي مستمرا إلى يومنا هذا، ومن منظوره أن اهتمامها الأساسي بالبشر، باعتبارهم كائنات اجتماعية، وليسوا أشخاصا عاديين، وحدد بأن وظيفتها وظيفةٌ تصحيحية، فهدف الفنان الكوميدي، هو إظهار مرآته أمام المجتمع لتعكس الحماقات، القصد أن يتم إصلاحها نتيجة لما قام بعكسه للمجتمع، بحيث شارك الفيلسوف الفرنسي في القرن العشرين “هنري بيرجسون” نفس المفهوم حول الغرض التصحيحي للضحك، فشعر أن الضحك يهدف إلى إعادة الشخصية الكوميدية إلى التوافق مع مجتمعه، الذي يتخلى عن منطقه وتقاليده عندما “يتراخى في الانتباه الذي يرجع إلى الحياة”.

وصلة بالموضوع، عرفت الكوميديا داخل المغرب، تراجعا ملحوظا على مستوى المضمون، وفي هذا الإطار قدم الفنان المغربي سعيد الناصري، عرض كوميدي سخيف بعنوان “واش احنا هما احنا؟؟؟”، وكان ذلك يوم الخميس 29 دجنبر 2022 على الساعة التاسعة مساءا، بقصر المؤتمرات في مدينة ورزازات، هذا العرض يستحق أن يلج موسوعة الرداءة والإسفاف، بحيث أن هذا العمل هدفه الضحك على ذقون وشفاه الجمهور الحاضر، إذ يحتاج إلى إبداعات جديدة، وسيناريو محكم البناء ورؤية فنية احترافية واضحة، واختفى المعنى الحقيقي لفن الكوميديا، واختفت معه الفكاهات التي تظهر عيوبنا أكثر مما تثير بداخلنا كوامن الضحك على أتفه العلل.

فالعمل الفكاهي  الذي قدمه الناصري، أصبح يجعل الضحك هدفا في حد ذاته، ويقف عند تصوير الواقع، وإثارة الأحاسيس تهيئة للضحك، حتى وإن كان منها ما يخدش الحياء، وكأننا أصبحنا لا نضحك إلا على الزهيد من الكلمات والحركات، ولعل ما عرضه هذا الفنان، خير شاهد على الإسفاف الذي وصلنا إليه من خلال كتابات لا ترقى لجوهر الضحك في ذاته،

أنا شاهدت العرض سالف الذكر، ويؤسفني القول وبدون تردد، لقد وصل الاستهتار بجمهور ورزازات  إلى أقصى السقف، وكأن هناك من يتعمد تدمير ذوقه وإحساسه، شطحات وسخافات الناصري لا يعرف المتفرج كيف يفسرها، فعرضه يوجع الرأس ويرفع ضغط الدم، ويدخل إلى القلوب الملل والضجر، مجمل القول إنه تافهه.

لقد قال الممثل المسرحي والمخرج الروسي الشهير “قسطنطين ستانيسلافسكي”، ”الهمس هو سر الدراما”، ولكن ما شاهدناه في موضوعات الفنان الناصري، عمل ضاعت كلماته، وبأسلوب ضعيف لا يعرب عن شيء.

وفي السياق ذاته، العرض الذي قدمه الناصري، يعج بمواضيع سخيفة مستهلكة، وحوار مبتذل وحركات عشوائية، مما يجعل مكانها المناسب هو مزبلة النفايات وليس ركح قصر المؤتمرات، بالإضافة إلى أن العرض المذكور، سقط في فخ التفاهة والرتابة، وبهذا نجح الفنان المشار إليه إدخال الكوميديا المغربية إلى غرفة الإنعاش.

ويبقى سؤال يحضرني،  هل صحيح هي بداية نهاية الناصري في عالم الكوميديا بالمغرب؟


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.