بريس تطوان
عادت التظاهرات الثقافية في المغرب إلى سابق عهدها، بحضور الجمهور في القاعات والفضاءات الثقافية، بنسبة 50 في المائة من الطاقة الاستيعابية لهذه الفضاءات الحاضنة لمختلف التظاهرات الثقافية في المملكة. حدث ذلك في تطوان، نهاية الأسبوع الماضي، حين أقامت دار الشعر ليلة جديدة من “ليالي الزجل”، شارك فيها الشاعر والزجال حفيظ المتوني والشاعرة والممثلة والمسرحية الزجالة فاطمة صبور، والشاعر الزجال عزيز زوكار. بينما أحيى هذه الليلة عازف العود المغربي سعد بنعزوز، رفقة الفنان عثمان العلمي في إيقاعات موسيقية مغربية.
واحتضنت مدرسة الصنائع والفنون الوطنية بتطوان ليلة زجلية تألق فيها الشاعر حفيظ المتوني، وهو يلقي قصائد زجلية بأداء استثنائي وغنائي، على إيقاعات موسيقى الشرق المغربي. وقد قرأ المتوني نصوصا من دواوينه الشعرية مثلما تغنى بنصوص أخرى في صيغة فنية استعراضية شدت إليها الجمهور الذي عاد من جديد ليتابع فعاليات دار الشعر بتطوان، تلكم الفعاليات التي تواصلت عن بعد، خلال السنة الماضية، ودون جمهور، بسبب انتشار الجائحة. كما تألقت الزجالة والممثلة المسرحية والتلفزيونية فاطمة بصور، في أداء شعري خاص، وهي تذرع أرجاء مدرسة الصنائع بتطوان، وتتقاسم تجربتها الشعرية مع الحاضرات والحاضرين. بينما اختتم الشاعر عزيز زوكار ليلة الزجل بقصائد مدوية تردد صداها في فضاء اللقاء، وتفاعل معها الحاضرون على إيقاعات عازف العود الفنان سعد بنعزوز والفنان عثمان العلمي في إيقاعات مغربية تراثية.
واستهل الشاعر مخلص الصغير مدير دار الشعر بتطوان هذه التظاهرة، مؤكدا على أننا “بتنا في شديد الحاجة إلى لقاح جمالي ضد الجائحة، وذلك من أجل اكتساب مناعة جماعية ضد الرداءة والبشاعة والظلام”. واعتبر المتحدث أن هذه المناعة الجمالية ضرورية، وأن عودة الممارسة الثقافية إلى سابق عهدها أمر لا مناص منه قصد محاصرة التداعيات والآثار النفسية لهذه الجائحة على الإنسانية.
وتميزت ليلة الزجل بشكلها المختلف، من حيث الطريقة التي أدى بها المشاركون قصائدهم، حيث تألق المتوني وهو يجمع بين الإلقاء والغناء، وتألقت فاطمة بصور، وهي تقدم عرضا شعريا مسرحيا وأدائيا، مستفيدة من تجربتها المسرحية والتلفزيونية، كما تابعناها، مؤخرا، في مسلسل “زهر الباتول” وفي “سالف غذرا”، وأعمال تلفزيونية ومسرحية أخرى. والأمر نفسه مع عزيز زوكار، وهو يقدم قصائده الزجلية بطريقته الخاصة، بمرافقة موسيقية شيقة.
وكانت دار الشعر في تطوان قد واصلت تنظيم فعاليتها وتقديم برامجها عن بعد، خلال زمن الجائحة، من خلال تنظيم تظاهرات “ليالي الشعر” و”حدائق الشعر” و”توقيعات”، و”ليلة المبدعات” واحتفالية اليوم العالمي للشعر، إلى جانب ندوات وأيام دراسية حول “الشعر والجائحة” و”الشعر من العرض الحي إلى العرض الرقمي”، ومستقبل الثقافة والشعر بعد الجائحة”، و”الشعر والتشكيل”… بينما تعود دار الشعر اليوم إلى تنظيم تظاهراتها بحضور 50 في المائة من الطاقة الاستيعابية للقاعات والفضاءات الثقافية، في أفق تنظيم مهرجان الشعراء المغاربة في دورته الرابعة، خلال شهر يوليوز المقبل.
هذا، وتحرص دار الشعر في تطوان على تقديم التجارب الشعرية المغربية والعربية الجديدة، في صيغ حداثية ومعاصرة، من خلال الجمع بين جمالية العرض والتلقي، وعبر تقديم الشعر في عروض أدائية تتجاوز العرض التقليدي للقصيدة الشعرية العربية، وترقى بها إلى ممارسة فنية شاعرة ومعاصرة.