الحي التقليدي والدار التطوانية.. عبق الأصالة وعراقة الماضي - بريس تطوان - أخبار تطوان

الحي التقليدي والدار التطوانية.. عبق الأصالة وعراقة الماضي

الحي السكني: عرفت مدينة تطوان القديمة بتداخل شوارعها ودروبها، وبتلاصق بيوتها ومنازلها، الأمر الذي يلاحظ في أغلب المدن المغربية العتيقة التي تتميز بالطابع التقليدي القديم، ذلك الطابع الذي لم يأت عفوا، وإنما هو بالتأكيد نتيجة لأسلوب خاص في الحياة التي عاشتها هذه المدن عبر قرون من الزمان، ودليل على قيام هندستها على أساس مدروس ثابت، ينم عن هوية أهلها، كما يكفل لأفراد مجتمعها أن يعيشوا في جو من الأمن والأمان، والتعاطف والانسجام،  مرتاحين مطمئنين تحت سقف تلك البيوت المتلازمة والمتراصة داخل الدروب المتفرغة عن الشارع الواحد، في الحي الواحد…

والأحياء السكنية وشوارعها في مدينة تطوان العتيقة، عبارة عن خلايا متكاملة، تشتمل على مختلف متطلبات الحياة اليومية بالنسبة لمن يعيش في المجتمع التطواني الذي من مقوماته الدين الإسلامي الحنيف، والتقاليد العربية الأصيلة.

ولهذا فإنك تجد الحي التقليدي بتطوان، يشتمل على المسجد، والكتاب، والفرن، والحمام، بينما تلتصق المنازل بكيفية تجعل الواحد منها يحاذي الآخر، فيسانده ويشد أزره ويقف بجانبه حاميا محتميا، لا يفضل بينهما سوى الجدار الكفيل بصيانة حرمة البيت وأهله، وسترهم عن الأغراب.

وإنك لتمر بين دروب المدينة العتيقة، فتشم رائحة خاصة، وتحس بإحساس غريب لا تحس به عند مرورك بالأحياء الأوربية الحديثة، إنه إحساس بالتاريخ، إحساس بأنفاس الأسلاف، إحساس بعبق الأصالة، وعراقة الماضي.

ويلي البيت في الدرب الواحد، بيت آخر، ويليهما ثالث ورابع، وتجمع بين ذوي البيوت المتقاربة في الدرب الواحد ألفة وتعاطف، ووئام وتعارف، وغالبا ما يضم الدرب الواحد دورا غاية في الأبهة والترف، تجاورها دور بسيطة لأبناء الطبقة الكادحة المتواضعة، وغالبا ما يعرف الدرب باسم أحد هؤلاء الأعيان الساكنين فيه: درب الصفار، درب راغون، درب اللبادي، درب الرزيني…إلخ.

هذا فيما يتعلق بالأحياء السكنية، أما الأحياء والشوارع الأخرى، فمنها ما هو مخصص للحرف، ومنها ما هو مقصور على التجارة، ومن هنا كانت تسمية هذه الأحياء أو الشوارع خاضعة لما يمارس فيها من نشاط، فهناك حي الصياغين، والخياطين، والدباغين، والصباغين، وهناك شارع النيارين، والحدادين، والخرازين، والطرفين… إلخ.

وقد تتشابه البيوت التطوانية من حيث الشكل والهيكل وتوزيع المرافق والعناية بالتنسيق والتنظيم، إلا أنها تتفاوت حتما من حيث الفخامة والاتساع والأبهة والجمال، وذلك تبعا للمستوى المادي لصاحب البيت.

العنوان: تطوان، سمات وملامح من الحياة الاجتماعية

ذ.حسناء محمد داود

منشورات مؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة

بريس تطوان/يتبع…


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.