بريس تطوان
وبعد وفاء العسري تمكنت فتحية الحضري من تأسيس جوق باسمها. ولها حضور في ساحة المدينة خاصة والمغرب عامة.
وهناك اجواق أخرى كجوق فاطمة بن أعلي ونادية الكواش.
ومن بين الأسماء الأخرى التي غابت عنا سيرتها الذاتية من الفنانات، والمطربات والأجواق، عناك السيدات الفاضلات طامو الكريري، التي امتازت بصوت عذب ملائكي، وكانت تتقن النقر على العود، كما كان جوق السيدة أم كلثوم الملايكي من الأجواق المعروفة في تلك الفترة بمعية السيدات عالية الزهار، ومنانة امباركة، وآمنة فرجي، وغيرهن.
فكانت الساحة الفنية النسوية غنية بهن في إحياء الحفلات العائلية الخاصة، التي غالبا ما تتم في نطاق محدود من نساء العائلة والأقارب يقمن أمسيات فنية، يستدعين لها الجوق النسوي لتشنيف أسماعهن بأصواتهن الرقيقة، ولمسات أناملهن على أوتار العود أو الكمان أو الآت الإيقاع أو غير ذلك.
وكانت النخبة التطوانية من المجتمع الراقي أو البرجوازي هي من تقدر على لم هذا الطيف الغنائي الذي غالبا ما يكون أمسية تبتدئ بعد صلاة العصر إلى آذان المغرب.
وتتم في جانب من جوانب حديقة البيت عندما يكون الجو ربيعا أو صيفا حيث يحلو الجلوس بين أغصان الياسمين، والأقحوان، وروائح الزهر العطر، أو في بساتين المدينة، التي يحلو المقام بها حينما يتحسن الجو، وتحلو الطبيعة الغناء، باخضرار الأرض، وانفتاح الأغصان والأشجار بألوان مختلفة من الفواكه، والورود، والأزهار، وتغتنم ربة البيت هذه الأمسية لتشارك بناتها في تجميلهن بأحسن ما عندهن من لباس حريري شفاف أو صقيل، وحلى ومجوهرات، يتزين بها وهي علامة على أن العرائس جاهزة للزواج ولذلك يجلسن قرب الجوق النسوي الذي يكون هو الآخر قاعدا على آرائك عالية يتصدر المنظر الفسيح وتسهل رؤيته من طرف جميع الحاضرات، وربما تجلب إحدى هاته العرائس الجميلات نظرة أو نظرتين من هذه الأم أو الأخت الحاضرة قد تخطبها لابنها أو أخيها.
هذا الجو البهي كان معروفا بتطوان، ويتوسع أحيانا ليشمل بعض المدعوات من الجيران، والصديقات، بل يسمحن فيه حتى للناظرات غير المدعوات بالمشاهدة والاستمتاع فقط دون تناول الحلويات والشاي والمرطبات، وهو غالبا ما كان يتم في الأفراح الكبرى من زواج أو خطبة، حيث تقام السهرات الكبرى ويستدعى لها من نساء المدينة ما تقرره الأسرة.
في هذا الجو من الحرية الفنية، الذي تطبعه حياة مدينة تطوان المتعودة على الأناقة، والجمال، والبهاء، وروح السعد والمسرات، بما يروح عن النفس، وينشط الذات، عاش الفن، والغناء، والطرب، ومرح في كل بيت وفرح في كل عرس.
وتوالت الأجواق النسوية ترتع من منهل الأنغام والألحان والأصوات مما أغنى الساحة الفنية بالعديد من الفنانات المبدعات.
عن “الأجواء الموسيقية بتطوان وأعلامها”
لمؤلفه محمد الحبيب الخراز
(بريس تطوان)
يتبع…