أين تذهب أموال مدينة الجوهرة الزرقاء "شفشاون"؟ - بريس تطوان - أخبار تطوان

أين تذهب أموال مدينة الجوهرة الزرقاء “شفشاون”؟

بريس تطوان

سواء كانت أموال ميزانيات الجماعات القروية الفقيرة مثل جماعة تموروت، وأموال ما يسمى بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، أو أموال المساعدات والقروض الأجنبية، فإن مآل هذه الأموال  ينطبق عليها  المثل المغربي الشعبي “فلوس اللبن يأكلهم زعطوط” .

ورغم أن زعطوط الشاوني  هو بدوره مهدد بالانقراض بسبب الفساد، ولا علاقة له بأموال الشاونيين والشاونيات، من قريب أو بعيد.

الإجابة عن سؤال أين تذهب أموال الشاون وناحيتها، تفرض علينا  عرض الوقائع التالية؛ انطلاقا من منهجية التحليل الملموس للواقع المُعاش.

فمثلا جماعة تموروت الفقيرة المعزولة التي بعض ابناءها في حاجة إلى أقل من دولار في اليوم لكي يواجهو تكاليف الحياة، اشترى أحد رؤساءها السابقين سيارة رباعية الدفع من النوع الفاخر، ليس ليجوب بها المداشر الفقيرة مثل مدشر أغران، حيث قضى نحبه الطفل الأسطورة  “ريان”، بل لكي يتنقل بها كل أسبوع إلى مدينة طنجة حيث مقر السكن الدائم للرئيس الحاضر الغائب.

الأخطر من ذلك أن عجلات هذه السيارة الفاخرة كانت تكلف جماعة “تموروت” ميزانية ضخمة، لأن السيد الرئيس كان يشترط شراء عجلات مضادة للثلوج، ومن النوع الرفيع حتى يتمكن من السفر إلى منزله على ظهر أموال فقراء تموروت بكل أمان .

المثال الصارخ الثاني هو أنه عند مدخل مدينة الشاون، تم إنشاء كورنيش طويل مكون من الإسفلت وأعمدة النور الوهاجة، على امتداد الطريق صوب “دار اقوباع”، وهذا في تقديرنا تبذير بواح  للمال العام، وتدمير للبيئة والحياة البرية لمدينة الأشراف والجوهرة الزرقاء.

إن “واد سيفلاو” هو جميل من عند الله، لا يحتاج إلى صرف اعتمادات ضخمة لفائدة شركات البناء والطرقات من أجل نصب أعمدة الكهرباء على جنباته لا تُسمن ولا تغني من جوع، والتي ستزيد من شفط الميزانية العمومية، من خلال فواتير الانارة، وهذا قمة العبثية وتبديد أموال عمومية فيما لا طائلة منه، خاصة وأن المغرب معرض لخطر نقص الطاقة بسبب الحرب في أكرانيا، والتقلبات العالمية..

إن المسؤولين باقليم الشاون خاصة المنتخبين، وشركاءهم من دهاقنة العمل البيروقراطي، يبدعون ويجيدون في صرف الأموال العامة ذات اليمين وذات الشمال، في مشاريع عقارية غير منتجة للثروة، مشاريع تركز على الواجهة وطلاء أعمدة النور مثل قصة الطفل الأمي، في حين انهم فاشلون تماما، في إبداع مشاريع خلاقة مبدعة، مشاريع  منتجة للثروة بشكل مستدام، تعود بالنفع على ساكنة المدينة والإقليم على حد سواء.

الغريب في الأمر والعجب العجاب، أنه اذا كان مسؤولي الشاون يروجون، بكون منطقتهم منطقة جذب سياحي بامتياز، فإنهم حاليا بإقامة الأعمدة الكهربائية والزفت بكل أرجاء الإقليم بطريقة عشوائية سيحولون هذه المدينة  الهادئة  والصديقة للبيئة، إلى أشبه بمدينة الملاهي، مليئة بالضجيج والصخب، وهذا عامل طارد للسياحة المستدامة، لأن الزائر لمدينة شفشاون النائمة على وسادة الجبل، أصبح همه الأول والأخير التمتع بالمناظر الطبيعية الأخاذة والإرتكان إلى جنب الراحة والسكون والطمأنينة.

للأسف يبدو  بعض مسؤولي إقليم الشاون، دخلوا في مونولج داخلي مع أنفسهم، كأنهم مصابون باضطراب التوحد حيث تراهم يكررون نفس المشاريع الفاشلة، لحصد النتائج الفاشلة، ولا يهم بعد ذلك أن يلجأوا إلى القروض الدولية أو التسول، حين تصبح الخزينة العامة على الحديدة، كما يقول أشقاؤنا المصريون.

للأسف أصبحت مدينة شفشاون تندب حظها بسبب الفقر الذريع الذي يُعانيه أبناؤها على مستوى البنيات الأساسية وعلى رأسها التنمية والصحة وتوفير فرص الشغل، في انتظار ظهور “منقذ ومخلص” يُعيد لمدينة الجوهرة الزرقاء بريقها ولمعانها الذي تستحقه.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.