أعلام الفهرسة في تطوان.. أبي عبد الله محمد بن علي الورزازي - بريس تطوان - أخبار تطوان

أعلام الفهرسة في تطوان.. أبي عبد الله محمد بن علي الورزازي

بريس تطوان

ينحدر نسب أبي عبد الله محمد بن علي الورزازي من أسرة ورزازية بدرعة، وبيته بيت علم، اشتهر كثير من أفراده بتعاطي العلم وممارسته، قدم إلى تطوان واستقر بها، إلى أن التحق بالرفيق الأعلى.

لا يعرف تاريخ ولادته ولا ظروف نشأته وأحوالها، ولكن يمكن الجزم أنه قرأ القرآن في متاتيب بلدته على مدرريها وشيوخها، حتى إذا ما حفظه برواية ورش وأتقنه رسما وتجويدا، وحفظ معه المتون العلمية التي يتم بها تحصيل مبادئ علوم النحو والفقه والتوحيد وغيرها كالمرشد المعين لابن عاشر، والرسالة لأبي زيد القيراوني، والمقدمة الأحرومية لابن أجروم الصنهاجي، والأفية ولامية الأفعال لابن مالك الطائي، ومتن السنوسية الصغرى للإمام السنوسي، وتحفة الأحكام لابن عاصم الغرناطي، ومتن مختصر الشيخ خليل الجندي، وغيرها، وآنس من نفسه بداية الاستعداد لتلقي العلم وطلب شيوخه، انتقل إلى مرحلة الأخذ والجلوس إلى حلقات الشيوخ المدرسين للأوراق. وقد امتفى الشيخ محمد بن علي الورزازي بالتلميح والإشارة إلى هذه المرحلة في فهرسته دون الإفصاح والتوضيح، فأشار أنه درس على الشيخ أحمد بن عبد العزيز الهلالي في قصبة الشرفاء، وعلى الشيخ صالح اللماطي في زاوية سيدي حمزة لمدة أربعين يوما، وقصد بعد ذلك فاس لكنه وجدها في حالة حصار وحرب، ليشد الرحلة إلى تطوان فصاحب الشيخ أحمد الورزازي لتسعة أشهر، ولما استقرت الأوضاع في مدينة فاس رجع إليها وجلس إلى كبار الشيوخ الذين يمثلون حلقة العلم والدرس آنذاك، وأشهرهم: الشيخ التاودي بن سودة، والشيخ عمر بن عبد الله الفاسي، والشيخ أحمد بن عبد الجليل الشريفي وغيرهم. فقرأ عليهم مختلف العلوم من فقه وحديث وتفسير ونحو وبلاغة، وغير ذلك، بالطريقة التربوية وأسلوب التدريس المميز الذي يتقنه كبار العلماء الذين يناقشون وينتقدون ويوجهون الترجيحات والاختيارات مما يملك معه الطالب النجيب القدرة على الملاحظة والنقد والتخريج والاجتهاد.

ورغم أن الشيخ بلغ من العلم شأوا عظيما، إذ حلاه الشيخ محمد التودي بن سودة بقوله: “الفقيه الترية، العالم النبيه”. ووصفه العلامة محمد ابن القاسم جسوس بـ “الإمام العلامة”. وقال عنه الشيخ عمر السوداني: “أنه من الفضيلة الزائدة بمكان، وأنه حقيق بأن يجاز له في نشر العلوم بكل مكان” . إلا أننا نجده متلهفا إلى حلقات الدرس والتحصيل، متطلعا إلى شيوخها، فاستغل رحلته الحجازية في سبعينيات القرن الثاني عشر الهجري للأخذ والتحصيل، فلقي الجم الغفير من العلماء المشارقة في الحجاز ومصر وطرابلس، وأخذ عنهم وأجازوه، كما هو مذكور في فهرسته ومن بين هؤلاء الشيوخ نجد: الشيخ أبو حفص عمر السوداني، ومحمد البليدي المالكي، ومحمد بن سالم الحفناوي.

وبعد عودته من الحج سنة (1175هـ)، واستقر بتطوان وتصدى للتدريس وكانت له مشاركة حسنة في فنون من العلم، كالفقه والنحو والبيان، والأصول والحساب والتنجيم، ومن الكتب العلمية التي قام بإقرائها نجد: التلخيص والسبكي، وشيئا من الألفية، ومختصر خليل، وأجاز علماء تطوان ومشاهيرها من بينهم الفقيه والولي الصالح سيدي أحمد بن عجيبة سنة (1214هـ) وأحاله إلى فهرسته التي وضعها لمشايخه المتضمنة لأسانيدهم.

وكان على جانب عظيم من العلم والزهد والورع، وولي الإمامة والإمامة والخطبة بجامع لوقش، ويبدو أنه كان في عموم تكوينه وثقافته يتقن علوم الأدب ويمارس تدريسها والقول فيها، مع موهبة مكنته من أن يجرب حظه في قول الشعر وصنع مقطعاته وقصائده، فوصفه الشيخ محمد الحنفاوي ب “الأديب الأريب”. وأشار محقق الفهرسة الأستاذ أحمد السعيدي أنه وجد بذيل النسخة المخطوطة من الفهرسة، مجموعة من المنظومات والأبيات الشعرية وهي:

  • منظومة في الميراث في عشرين بيتا أولها: الحمد لله على ما أنعما من فضله وجوده تكرما.
  • منظومة في ما جاء من الأوصاف على فعل بالكسر في الفاء والفتح بالعين.
  • منظومة في شروط ما يجمع جمع المذكر السالم.
  • أبيات ثمانية قالها حين مرض هو وأصحابه الذين ذهبوا لزيارة أضرحة المشايخ الناصرية في درعة مقفلهم في ذلك وتضرع إلى الله سبحانه وتوسل بنبيه أن يكشف ما بهم.

ويورد مؤرخ تطوان الاستاذ محمد داود بعض مؤلفاته التي وقف عليها والتي يوجد بعضها في مكتبته بتطوان وهي :

– فهرسة المترجم له.

– شرح منظومة الشيخ محمد بن ناصر في التوحيد والفقه التي مطلعها:

الحمد لله طيبا وعطر ** ثم الصلاة على المختار من مضرا

– ما يجب على المكلف معرفته من قواعد الإسلام: يقع في أربع وستين صفحة، فرغ من تأليفه في 17 صفر 1204هـ.

– مجموع المنافع والفوائد وفرائد التمائم والقلائد: وهو تأليف يزيد على المأتين، ومن أبوابه: التوحيد والطهارة والصلاة.

– تقييد في بيان حقيقة الحمد والشكر لغة وعرفا وما بين أقسام ذلك من عموم وخصوص.

– رسالة في إعراب البسملة.

– شرح لأبيات لأجهوري في النسب التب بين الحمد والشكر.

– منظومات في مسائل لغوية ونحوية وأبيات في التوسل.

وإذا كان الشيخ عبد الحي الكتاني أحجم عن تحديد سنة وفاة الشيخ محمد الورزازي، وتبعه في ذلك كثير من الباحثين من بينهم الفقيه المنوني رحمه الله، وصاحب معجم المؤلفين، وكذلك محقق الفهرسة، حيث أشاروا إلى أنه كان حيا في فترة (1214هـ/1799م) مستندين في بناء حكمهم على إجازته للشيخ أحمد بن عجيبة. فإن هذا الأخير ذهب إلى أنه توفي زمن الوباء (1214هـ). وهو الرأي الصواب لأنه كان أحد شيوخه وهو معاصر له، ومقيم في نفس بلدته تطوان وبالتالي سيكون ما ذكره هو الراجح من الأقوال، ولا أعرف لماذا لم يأخذ به من جاء بعده من العلماء والباحثين وأحجموا عن الاعتماد عليه، ويوهن كذلك ما ذكره ابن سودة من أنه توفي في يوم الجمعة السادس عشر من ربيع الأول من نفس السنة.

العنوان: فهارس علماء تطوان (تطوان من خلال كتب التراجم والطبقات)

للمؤلف: عدنان الوهابي

منشورات باب الحكمة

(بريس تطوان)

يتبع…

 


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.