أسوار مدينة تطوان وأهميتها - بريس تطوان - أخبار تطوان

أسوار مدينة تطوان وأهميتها

بريس تطوان

كانت الغاية من إنشاء الأسوار حول المدن في العصور الماضية تحصينا وأمنا وأمانا لسكانها من الغزو الخارجي، وهذا ما أكدته لنا المراجع التاريخية التي تحدتث عن المدن التي حولها أسوار واعتبارا لأهمية الأمن بالمدينة عدت الأسوار من المايير الأساسية لذلك، وتبعا لذلك فقد اعتبر الاسلام بناء الأسوار والأبراج والقلاع إضافة إلى الحصون من الوسائل التي تساعد على حفظ المال وانفس. فهي في رأي الفقهاء في عدد البناء الواجب.

فقد تم تسوير المدينة ورسمت حدودها وفتحت فيها أبواب تتفاوت أحجامها حسب أهميتها في تنظيم حركة الخروج والولوج حفاظا على الأمن والاستقرار للساكنة، علاوة على ذلك أنه كان لها دور تجاري ساهم في إقامة أسواق بجانبها نظرا لإشرافها على الطرق الرئيسية المؤدية إلى المدن الأخرى كطنجة وفاس وسبتة.

وانقسمت الأبراج الرئيسية إلى ثلاثة أنواع منها أبراج مدفعية وهي أبراج أساسية كبرى تتواجد بجوار الأبواب الرئيسية للمدينة من أجل حمايتها، كبرج باب النوادر المتصل بنفس الباب وبرج “الإسقالة” المتصل بباب العقلة وبرج “طبانة” قرب باب المقابر، أما أبراج المراقبة وهي ثانوية صغيرة ملتصقة بالأسوار من أجل المراقبة وأبعاد المهاجمين لدرء أقربائهم والحيلولة الضرر بأساسها، أو فتح فجوات يتسللون منها نحو الداخل لإقتحام المدينة.

يبدو أنها تميزت بأشكال عمرانية معينة، فمنها المستطيلة كبرج باب النوادر وذات الثمانية أضلاع كبرج لوقش وذات الشكل النصف دائري كبرج السلوم بقاع الحافة أو على شكل نجمة كالبرج القريب من باب الصعيدة، أما البرج القائم بالمقبرة فتزينه آيات قرآنية.

ضمت القصبة بدورها ثلاثة ابراج مرتبطة بواسطة سور بسياج كان يحيط بالمدينة فوق حافة تل على جبال درسة وتجسد بالقصيبة خارج السياج حصنين كانا يحرسان السفح المطل على المقبرة والحصن الغربي وهو ثماني الاضلاع، بينما تشكل الحصن الشرقي من سبعة أضلاع تمتد قاعدته في منحدر وأقواسه مفصصة فوق أطناف تنفتح بها نوافد صغيرة كانت توضع فيها مدافع، كما توجد عبارات مكتوبة بمنتصف البرج.

انضافت أبراج بحرية أخرى لمراقبة سواحل المدينة والانذار المبكر عند بروز أخطار من جهة البحر كانت مجهزة بمدافع من أجل صد السفن المهاجمة أهمها برج طرف كابو نيكرو، برج حلق الواد بمرتين وبرج شاطئ أمسا.

ورغم أن موقع المدينة ساهم في تحصينها تحصينا طبيعيا، لكن هذا لم يمنع سكانها من إقامة أسوار خولت لها القيام بدورها الجهادي على أكمل وجه، وكما استدعت الضرورة إنشاء قلعة على جبل درسة تحميها من بعيد، بالإضافة إلى إنشاء عدد من المحارس والنواظر لمراقبة السواحل التي يهددها الإيبيريون. وقد ظلت الأسوار قائمة امئات السنين شاهدة على تاريخها التي شيدت تباعا بعد تلك التي بناها القائد علي المنظري، وبالتالي يتضح أن المدينة عرفت بناء سورين في فترتين مختلفتين.

وللزيادة في متانة هذه الأسوار ومناعتها ثم بناءها بواسطة الحجر الذي جلب من المقالع المجاورة للمدينة، كما اعتبر شرط ارتفاعها من الشروط الأساسية بالإضافة إلى أمكنة بنائها المناسبة للهجوم والدفاع، وتبعا لذلك روعي أن يكون على هيئة ممر وممشى يمكن الجنود من المراقبة المستمرة من أعلى الأسوار بباب العقلة وباب النواد.

تغير بناء الأسوار بتطور الأسلحة المستعملة، بنادق، مدافع، فأصبح التقليل من حجم الأسوار وطولها شيء ضروري لوقايتها من الضربات المدفعية، أما أبواب الأسوار فقد احتلت مكانا هاما في تخطيطها المعماري فهي تتناسب في مقاييسها مع مقاييس الأسوار، وقد ركزت النصوص التاريخية على تحكم هذه الأخيرة في أشكال الطرق وحركة المرور والتجارة مع المدن المجاورة، تم تخصيص مداخيل للوقف لإصلاح وصيانة النظام الدفاعي القصبة الأبراج الأسوار وتوفر القائمين بالحراسة فيها، إلى غاية سنة 1589م، فقد كلف ناظر مواريث المدينة “أبو الحجاج يوسف بن موسى السوسي” بالبحث عن الموارد اللزمة لترميم وإعادة بناء ما تهدم من القصبة والأسوار.

عموما، فقد انعكس تخطيط المدينة العمراني على شوارعها فاتسمت هذه الأخيرة بميزات عديدة، فنجدها في أغلب الأحيان مائلة أو منحرفة على طريق عام نافذ، وهذا ما اكتسبها صفة الإلتواء، وتتفرع هذه الطرق فتضيق التفرعات ويتكرر إلتوائها، وقد اختصت بهذه الميزة الطرق الخاصة التي تركت حرية مقاييسها وأشكالها لأصحابها، وخير مثال على ذلك حومة “سبعة لواوي”، “الجنوي”، وجامع القصبة.

وهكذا، ظلت تطوان طيلة العقد الأخير من القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر الميلاديين بمثابة يضم مجموعة من المجاهدين الذين اختاروا ميدان القتال، وقد فرض هذا الاختيار موقع المدينة القريب من الواجهة البحرية المتوسطية.

كتاب: تطوان بين المغرب والأندلس (تشكيل مجتمع مغربي أندلسي في القرنين 16 و 17م)

للمؤلفة: نضار الأندلسي

منشورات جمعية دار النقسيس للثقافة والتراث بتطوان

(بريس تطوان)

يتبع


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.