في تطور استراتيجي لسياسة المغرب في تقنين القنب الهندي وتوجيهه نحو الاستخدامات الطبية المشروعة، صدّرت شركة “كانفليكس” المغربية، أمس الأربعاء، أول شحنة من القنب الهندي الطبي من صنف “البلدية” إلى أستراليا، في عملية غير مسبوقة، تمثل مرحلة جديدة في مسار إدماج هذا القطاع في الاقتصاد الوطني والقانوني.
الشحنة، التي غادرت مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، تم تصديرها بعد حصول الشركة على كافة التراخيص التنظيمية من الهيئات المختصة، وفي مقدمتها الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، ما يعكس مستوى التنسيق بين السلطات الوطنية والفاعلين الاقتصاديين لضمان شفافية العملية وجودتها.
وقد تطلّبت هذه العملية شهورًا من التحضير، شملت مشاورات مع مختبرات دوائية وسلطات صحية أسترالية، إلى جانب التزام دقيق بالضوابط القانونية والمعايير الصحية المنصوص عليها في دفتر التحملات الخاص بالشركاء الدوليين.
وفي اليوم نفسه، تم أيضًا تصدير أكثر من 400 كيلوغرام من منتوج “CBD” الطبي إلى سويسرا، مما يعزز موقع المغرب كمورد موثوق به في هذا السوق الناشئ عالميًا.
هذا التوجه الجديد نحو التصدير يأتي بعد نجاح أول تجربة قانونية لزراعة صنف “البلدية” خلال الموسم الماضي، حيث شهدت المساحات المزروعة توسعًا لافتًا هذا العام، لتصل إلى ما بين 3000 و3500 هكتار، مقابل حوالي 1400 هكتار في الموسم السابق، وهو ما يُترجم اهتمامًا متزايدًا من التعاونيات الفلاحية المرخصة والمستثمرين المحليين والدوليين.
تُوجَّه زراعة “البلدية” حصرًا إلى الصناعات الطبية والصيدلانية، ضمن مساطر تنظيمية دقيقة أعدّتها الوكالة الوطنية لتقنين القنب، بشراكة مع المكتب الوطني للسلامة الصحية. وتُلزم هذه المساطر التعاونيات بإبرام عقود بيع مسبقة مع فاعلين اقتصاديين، مع احترام سقف 1% لمادة “THC”، وتدمير أي منتوج يتجاوز هذه النسبة.
وتحمل هذه الخطوة بعدًا اجتماعيًا وتنمويًا يتجاوز الجوانب الاقتصادية؛ إذ يُعوَّل عليها في إدماج المناطق الجبلية في الدورة الاقتصادية الرسمية، وتحويل القنب الهندي من زراعة هامشية محاطة بالمخاطر القانونية، إلى نشاط مشروع يُدر دخلا ويحترم البيئة والصحة العامة، في إطار منظومة متكاملة من التنظيم والمراقبة.