هل يجر نتنياهو المنطقة إلى حرب كبرى… أم يسير نحو نهايته السياسية؟ - بريس تطوان - أخبار تطوان

هل يجر نتنياهو المنطقة إلى حرب كبرى… أم يسير نحو نهايته السياسية؟

تعيش منطقة الشرق الأوسط حالة من التوتر المزمن، لكن الأشهر الأخيرة حملت نذر تصعيد خطير، أعادت إلى الأذهان سيناريوهات المواجهات الكبرى، التي لم تعد مستبعدة في ظل تسارع الأحداث بين إيران وإسرائيل، وسط صمت دولي مريب وتوازنات إقليمية حساسة.

وسط هذه الأجواء المحتقنة، يطفو اسم بنيامين نتنياهو كفاعل سياسي مثير للجدل، ليس فقط في السياسة الإسرائيلية، بل على مستوى التفاعلات الإقليمية، حيث يرى مراقبون أن قراراته لا تحكمها فقط اعتبارات أمن قومي، بل تتداخل فيها المصالح الشخصية والهواجس السياسية، خاصة في ظل الأزمات الداخلية التي تواجهه على أكثر من صعيد.

من حرب الظل إلى حافة الانفجار:

لسنوات طويلة، ظل الصراع بين طهران وتل أبيب يدور في الظل، من خلال عمليات استخباراتية واغتيالات وهجمات سيبرانية وضربات محدودة داخل الأراضي السورية. لكن المعطيات تغيرت، وبدأت المواجهة تتحول إلى صراع مكشوف، مع تصاعد حدة الاستفزازات المتبادلة، وتوسيع رقعة الاشتباك عبر أذرع حليفة لطهران، كـ”حزب الله” في لبنان، و”الحوثيين” في اليمن، و”الحشد الشعبي” في العراق.

إن تداخل ساحات المواجهة، وحضور القوى الكبرى في خلفية المشهد – خصوصا الولايات المتحدة وروسيا والصين – يجعل من أي تصعيد مغامرة محفوفة بمخاطر الانزلاق إلى حرب شاملة قد تمتد تداعياتها إلى ما هو أبعد من الشرق الأوسط، لتشمل الأمن العالمي وأسواق الطاقة والملاحة الدولية.

نتنياهو… مأزق داخلي ومحاولة للهروب إلى الأمام:

منذ عودته إلى رئاسة الحكومة، يعيش بنيامين نتنياهو أضعف لحظاته السياسية. فإسرائيل تمر بأزمة داخلية غير مسبوقة، تجلت في انقسامات مجتمعية حادة، واحتجاجات واسعة ضد الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل، ناهيك عن فشله في تحقيق نصر واضح في المواجهات الأخيرة مع المقاومة الفلسطينية في غزة، رغم الخطاب الصقوري الذي تبناه.

وفي خضم هذه الأزمات، يبدو أن نتنياهو يسعى إلى تصدير أزمته نحو الخارج، عبر تضخيم “الخطر الإيراني”، ومحاولة استعادة زمام المبادرة السياسية والأمنية. وقد أشار العديد من المحللين إلى أن إثارة التصعيد مع إيران قد تكون محاولة لصرف الانتباه عن ملفات الفساد التي تلاحقه، وإعادة ترتيب صفوف الداخل عبر استثارة النزعة الأمنية لدى الإسرائيليين.

لكن هذه المقاربة تحمل في طياتها مخاطرة كبيرة، إذ إن الدخول في مواجهة مباشرة مع إيران، في ظل تعدد الجبهات التي قد تشتعل دفعة واحدة، يمثل مجازفة قد تكلف إسرائيل سياسيا وأمنيا أكثر مما تحتمل.

حرب محتملة أم نهاية مرحلة؟

ليست إسرائيل وحدها التي تحاول تجنب الانفجار، فحتى إيران – رغم الخطاب المتشدد – تدرك أن مواجهة مفتوحة ستكون مكلفة جدا، سواء من الناحية العسكرية أو الاقتصادية، في وقت تعاني فيه من ضغوط دولية وعقوبات خانقة. لكن مع ذلك، فإن ما يقلق المراقبين هو احتمال ارتكاب خطأ في التقدير، أو انفلات إحدى الجبهات، بما يؤدي إلى تفاعل سلسلة من الردود التي تخرج عن السيطرة.

وفي هذا السياق، فإن نتنياهو الذي يسعى لكتابة “نصر تاريخي” يعيد له الشعبية والمكانة، قد يكون في الواقع يكتب الفصل الأخير من مسيرته السياسية. فالمغامرة العسكرية، إذا ما فشلت، قد تؤدي إلى تحالف داخلي ضده، وتسريع إجراءات محاكمته، خاصة إذا تسببت في سقوط خسائر بشرية إسرائيلية أو ركود اقتصادي حاد.

خلاصة:

الشرق الأوسط يقف على مفترق طرق: بين تصعيد مقلق، ومناورة سياسية مكشوفة. فبينما يسعى نتنياهو لتوظيف التهديد الإيراني كورقة سياسية للهروب من أزماته، تبقى احتمالات الحرب قائمة، لكنها ليست حتمية. فما يبدو صراعا عسكريا قابلا للاشتعال، قد يكون أيضا تعبيرا عن نهاية مرحلة سياسية في إسرائيل، تآكلت فيها الثقة، وغاب فيها الإجماع، وارتفعت فيها أصوات الداخل بالرفض والاحتجاج.

ويبقى الرهان الأكبر على وعي القوى الكبرى، ودور الدبلوماسية، في كبح جماح الزعامات الفردية التي قد تجر المنطقة نحو المجهول، فقط لأجل إنقاذ كرسي حكم آيل للسقوط.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.