ما يحدث بشمال المغرب وخصوصا مدينة الفنيدق من توافد لعدد من القاصرين والشباب هو وصمة عار على جبين هذه الحكومة التي نصبت على جيل بأكمله عندما أوهمته أنها ستوفر لكل مواطن 2500 درهم في الشهر، وعندما أطلقت العنان لربط مصالح خاصةً لبعض منتخبيها مع الجماعات والمؤسسات العمومية التي يشرفون على تدبيرها هذا الربط الذي طالما نبهنا لخطورته فهو بالإضافة إلى انه يفوت مداخل وموارد مهمة على صناديق عدد من الجماعات والوزارات والمؤسسات العمومية فهو يحرم جيش من الشباب من حقهم في الشغل وتحقيق موارد مالية لإعالة أسرهم وتمكنهم من الاستمرار في الدراسة.
الجميع أصبح يتساءل اليوم هل هو هروب جماعي او هجرة علنية نحو المجهول سببهما واحد وان اختلفت المسميات تخلي الحكومة عن دورها في خلق سياسات عمومية جدية وفعالة تستجيب لمتطلبات المجتمع المغربي ، سحب برامج التربية على المواطنة في المؤسسات التعليمية حتى اصبح مصطلح الوطن والمواطن لا يعني شيئا لأجيال اصابها هوس إسبانيا.
هذا وان الوضع الحالي تسبب فيه ايضا تراجع دور الأحزاب السياسية في تعبئة الشباب والمواطنين وتربيتهم على حب الوطن على عدد من القيم والمفاهيم كحب الوطن والاجتهاد والصبر في مواجهة الصعاب ، مما يعين معه اعادة تعديل قانون الأحزاب المغربي وجعل تمويل هذه الأحزاب مقترن بمدى مساهمتها في تأطير التلاميذ والشباب والنساء، وما يقال عن الأحزاب ينطبق بالحرف على جمعيات المجتمع المدني والتي فقد بعضها ذاك الدور المحوري في التأطير، وما يجرنا للحديث على التلاميذ هو اغلب الهاربين او المهاجرين ان صح التعبير هم في سن التمدرس مكانهم الحجرات الدراسية وليس جبال سبتة المحتلة ، مكانهم المدارس حيث التربية على المواطنة وحب الأوطان وحب الاجتهاد والتميز والتنافس في بناء العقول المغربية التي يمكن ان تدبر مرحلة معينة من تاريخ المغرب.
اعتقد جازما انه على رئيس الحكومة اليوم أن يكثر من الاجتماعات لتعديل وإخراج مراسيم قوانين متعلقة بالتربية والتكوين تعيد التلاميذ للحجرات المدرسية، مع بناء المزيد من المؤسسات التعليمية، تشجيع الشباب على الانخراط في سوق الشغل المغربي عن طريق تشغيل الرجال والنساء على قدم المساواة والابتعاد عن ظاهرة تشغيل النساء فقط بأجور هزيلة، على رئيس الحكومة اليوم أن ينزل للشارع لينصت للمواطن المغربي بأذن مسؤول عن كل ما يحدث من كوارث اجتماعية بالمغرب نتيجة فشل السياسات العمومية المتخذة.
هجرة القاصرين والشباب اليوم هي هجرة نحو المجهول، فإسبانيا لا تستقبل أحدا بالأحضان، نعم هي تحتاج ليد عاملة وطبعا بأرخص الأثمان لكن إذا لم تتوفر على حرفة أو صنعة تقدمك للانخراط في المجتمع الإسباني ستعانق ايضا البطالة وعالم الجريمة والتسول، هذا في حالة لم يبتلعك حوت البحر مخلفا وراءك أم مكلومة أو أبناء ميتمين، عودوا لمدنكم وانخرطوا في الأحزاب السياسية وناضلوا من أجل تحقيق مجتمع مغربي يدافع عن العيش الكريم، انخرطوا في جمعيات المجتمع المدني شكلوا أصوات مجتمعية تساهم في تقييم السياسات العمومية، امسحوا من عقولكم نظرية “أللي قراوا ومعلوا والو” وهي أكذوبة أريد بها لكم أن تعيشوا هذه المآسي، مازال الوطن بخير يحتاج فقط لشباب يقاوم من الداخل يناضل من داخل المؤسسات ويتبوأ مراكز القرار.
الأستاذ محمد أشكور/المنسق الاقليمي لمركز المصاحبة القانونية وحقوق الانسان بعمالة المضيق الفنيدق