نساء عالمات من تاريخ تطوان - بريس تطوان - أخبار تطوان

نساء عالمات من تاريخ تطوان

.1 كرامات النساء المجذوبات

في معرض حديث المؤلفين عن النساء الصالحات يبدو لنا أنهن حظين بنظرة وقار واحترام الشأن نفسه للواتي اشتهرن بالورع والتقوى والصلاح، كما نلن الحظوة بفضل سلوكهن، العفيف، إذ أن تشبتهن بالعفة كان سببا في الارتقاء الرمزي والاجتماعي، فقصدهن الناس للتبرك والدعاء. نذكر في هذا الصدد الولية جدة الفقيه بنعجيبة «للافاطمة العجيبية الذي يعرض في فهرسته لأخبار عن كراماتها بقوله: هي الولية الصالحة المكاشفة الكبيرة السيدة بنت الولي الصالح سيدي إبراهيم بنعجيبة كانت من أهل الإغاثة في البر والبحر ولها کرامات، ومن كراماتها أن بعض البحرية طلعت عليهم سفينة النصارى وأرادوا أخذهم، واستغلبوا عليهم ، وقد حرنت بهم رفضت الحركة، فقال رئيس السفينة لأصحابه من كان يعرف وليا في بلاده فليستغث .به فقال رجل من طنجة أللا فاطمة العجيبية، كان يسمع بها، فظهرت معهم في المركب وهي تدفع المركب إلى البر وتقول الله الله الرجال، فسلموا … «فلما كانت بالفحص في موضع يقال له صيوفة كانت تستعمل فيه الحرث، ذهبت في وقت الصيف إلى زرعها، فجاء بحري من طنجة على ظهره رزمة من الثياب هدية لها، فكلمها من وراء الحائط وقال جزاك الله عنا خيرا، لقد أغثتنا في البحر أو كلاما نحوه ثم دفع لها الهدية.

ومن كراماتها أيضا أن امرأة من قبيلة أنجرا تلف لها عجول صغار في ليلة مطيرة فخافت عليهم، فقالت يا للا فاطمة هم في ضمان الله ،وضمانك فأصبحت العجول سالمة، فلما قدمت لزيارتها كشفت السيدة عن ساقها وقالت ها هي مكربشة «على عجولك ما تتركونا ننام حتى بالليل ويروى أن امرأة كانت الحية تأكل لها دود العلوفة فذهبت إلى الولية للا فاطمة فأخذت بيدها مرزبة وأقبلت على الحية وقالت والله إن عدت لأكل دودها لأدقن رأسك فما عادت بعد ذلك.

كما أراد القائد الباشا ابن علي أن يغصب لها أرضا يصنع فيها تاوازة فاجتمع الناس لحرثها فهابوا الدخول فيها لما يعلمون من حالها ، فقال أحدهم أنا ابدأ لكم، فدخل بثيرانه فجعل في رجله عند أول دخوله عود خرج من أسفل إلى فوق فسقط ففر الناس ولم يتجاسر أحد عليها.

ومنهن نجد الولية للا فريجة بنت علي «الشودري كان والدها يزاول مهنة العدالة بتطوان، وهي صالحة مدفونة بجامع السويقة الكبير ، وقد ذكر كراماتها الفقيه الرهوني بقوله: يقصدها النساء الحوامل . الجمعة بين الصلوات بعد دخول شهر وضعهن ويتصدقن على قبرها برغائف بقصد تسهيل الولادة عليهن، وقد ينسب الجامع المذكور إليها ويقال له جامع للا فريجة»، ويضيف …. وبأعلى جبل القصبة قبر امرأة بين الأحجار يسميها النساء بللا فريجة ويزرنها والله أعلم.

وممن عرفن باستجابة الدعوة سواء في حياتهن أو بعد مماتهن نذكر الولية «طامو» وهي امرأة أعرابية مجذوبة كانت تأوي نواحي حي الوسعة»، تعد للطهي قدرا مخلوطا بكل ما وجدت من لحم وسمك وخضروات، وكان يشاهد لها كرامات ومن كراماتها ما حكاه العربي مارتيل لما قال: انحبس المطر مرة فأتى الناس القطب سيدي عبد السلام بن ريسون رضي الله عنه مستشفعين في صرف ما نزل، فقال إن المتصرف في هذا هي السيدة طامو وقد علمتم قوة خلقها، فنحتاج إلى رجل ليس حاذق يذهب إليها بمرتيل ويستعطفها في هذا الطلب. فيقول ذهبت إلى الدار ووجدتها جالسة بباب فوضعت الخبز بين حذائها، ورجعت خلفها جاعلا سور الحوش بيني وبينها، وصرت أقرأ سورة الإخلاص وأهدي ثوابها لها، فمر بها مخزني فقالت: «أ الراجل اعطيني نشرب»، فشربت وأهرقت الباقي على الأرض فتفاءلت بالسقا، فما وصلت مجاز الشطبة حتى أنزل الله رحمته علينا».

أما السيدة «الطاهرة العلمية وهي شريفة من جبل العلم، فكانت جوالة تمشي لتطوان ومكناسة ووزان وتدخل الديار وكانت على حالة من الجذب والبله. وقد ذكرها الشيخ «أبو عبد الله محمد المنالي الزبادي الفاسي في مؤلفه سلوك الطريق الوارية في الشيخ والمريد والزاوية». كما عدت السيدة خديجة (الريسونية بنت سيدي علي بن ريسون من الصالحات ذوي الكرامات ووصفها العلامة الفقيه الرهوني في كتابه بقوله «تبقى أياما وهم يتبركون بها، وكانوا يلاحظون فيها التكلم مع أشخاص لا يرونهم وكانت تتحرى النظافة تحريا عظيما».

وهكذا، فقد تبوأت النساء المجذوبات بكراماتهن مكانة هامة لدى ساكنة تطوان آنذاك، نابعة من درجات الورع والطهارة لديهن بغض النظر عن درجات الجذب التي وصل إليها بعضهن، فتمثل الاعتراف بكراماتهن في التبرك بزيارتهن والأخذ برأيهن والتماس الدعاء منهن. ويبدو أن صفة التعفف والانقطاع عن ملذات الحياة حددت تميزهن واختلافهن عن الأخريات.

عنوان الكتاب: المرأة التطوانية وإسهامها في البناء الحضاري والمعرفي

الكاتب: كتاب جماعي

الناشر: مركز فاطمة الفهرية للأبحاث والدراسات (مفاد)

بريس تطوان

يتبع…


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.