مشروع أولي لإنعاش الثقافة بتطوان - بريس تطوان - أخبار تطوان

مشروع أولي لإنعاش الثقافة بتطوان

غير أن الإطار العام لا يشجع على إنعاش الثقافة بشكل منظم وعقلاني، ورغم الأبعاد الإيجابية للوضعية الثقافية بتطوان، فإن اقتصاد مدينة تطوان هو اقتصاد مبني أساسا على التهريب وتجارة المخدرات التي يصدر بعضها ويستورد بعضها الآخر، وهو غير مشجع لإنعاش الثقافة بالمدينة، كما أن الإدارة المحلية تعرقل السير الإداري، مما يؤدي إلى بعض الظواهر المرضية التي انتشرت في وطئنا والتي تحتاج إلى معالجة فورية، إلا أن الازدهار الاقتصادي والاجتماعي لا يعد شرطا ضروريا لازدهار الثقافة، ويمكن الاستدلال على ذلك ببعض الأمثلة: حيث عرفت الأندلس مثلا أوج تطورها الثقافي في عصر ملوك الطوائف (ق. 5 الهجري) وهو عصر انحطاط اقتصادي واجتماعي، وعرفت تطوان أوج نموها الثقافي خلال عهد الحماية الإسبانية، عندما استولت إسبانيا سياسيا وعسكريا واقتصاديا وإداريا على شمال المغرب. وتزدهر بعض المدن المغربية حاليا من الناحية الثقافية رغم ركودها الاقتصادي، كما هو الشأن مثلا بالنسبة لأصيلا، التي تزدهر ثقافيا خلال موسمها الصيفي، ثم تهدأ أجواؤها خلال الفصول الباقية.

ويفترض بالنسبة لمدينة تطوان العتيقة أن تنتعش ثقافتها بصفتها مدينة جامعية، كما يفترض أن تهتم وزارة الثقافة بشؤونها الثقافية، وفعلا ساهمت كل من المؤسستين في إنعاش الثقافة بتطوان، إلا أن هذه المجهودات تحتاج إلى مراجعة، نظرا لغياب تصور واضح لخطة ثقافية شمولية بالمدينة. تقوم وزارة الثقافة حاليا بإنجاز مشاريع ثقافية هامة تتجلى أساسا في تهيئ البنية الثقافية للمدينة، نذكر منها ترميم بناية المكتبة العامة والمحفوظات بتطوان وتجهيزها، ثم ترميم بناية دار الثقافة وقاعاتها، إضافة إلى ترميم دار الصنائع والمتحف الإثنوغرافي بباب العقلة والمتحف الأثري. ولا يمكننا إلا أن نرحب بهذه السياسة الثقافية الجديدة التي طال انتظارها قبل أن تنطلق مع بداية القرن الجديد. ورغم أهمية الانطلاقة، فإن هذه الأعمال ليست كافية لمواجهة مشكل البنية التحتية الثقافية للمدينة بصفة نهائية.

وتعتبر المدينة العتيقة أهم ما يوجد بتطوان عمرانيا، فهي أهم بكثير من المدينة الإسبانية ومن الأحياء التي بنيت منذ 1956. ورغم أن المدينة العتيقة تحتوي على مآثر تاريخية فريدة يعود تاريخ بعضها إلى نهاية القرن الخامس عشر، فإن جميع تدخلات وزارة الثقافة، باسثناء مشروع ترميم المتحف الإثنوغرافي توجد خارج أسوار المدينة العتيقة. لذلك نرجو أن تعتبر الوزارة المذكورة، الأسباب التي دفعت منظة اليونسكو إلى تصنيفها تراثا عالميا، لتوجيه اهتماماتها بما يوجد داخل أسوار المدينة العتيقة.

وفي هذه الصدد، حددت جمعية تطاون أسمير بعض المآثر التاريخية التي يجب ترميمها، وتوظيفها من أجل إنعاش الثقافة بالمدينة منها ما يلي:
1 . ترميم مدرسة لوقش وتحديد وظيفة ثقافية لهذه المعلمة التاريخية التي سنحتفل بمرور قرنين ونصف على تأسيسها سنة 2003. نرجو أن تغير وزارة الأوقاف موقفها السلبي الحالي، لتسمح بترميم هذه المعلمة، أو تشرف على إنجاز المشروع على حسابها، إن أبواب مدرسة لوقش مقفلة الآن، وبنايتها معرضة للتخريب والانهيار. ولقد أعلنت جمعية تطاون أسمير عن معارضتها لمشروع مدرسة لوقش، ينحصر في النقط التالية:

. ارتكبت وزارة الأوقاف خطأ كبيرا عندما أقفلت مدرسة لوقس منذ الاستقلال، فأصبحت بناية مهجورة معرضة للانهيار، وهو شان جميع البنيات المهجورة. ويمكن للوزارة
المذكورة أن تتدارك الموقف كما حصل مثلا بالنسبة لقصر الحمراء بغرناطة، الذي ظل مهجورا طوال القرنين التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، والذي أصبح اليوم من أشهر المعالم التاريخية في العالم، ومقصد الزائرين من جميع أنحاء العالم.

. اعترضت وزارة الأوقاف على مشروع ترميم مدرسة لوقش منذ عشر سنوات، حيث خصصت الحكومة الأندلسية ميزانية لترميم هذه البناية وصل قدرها حوالي 300.000.000 سنتيم، وأرسل إلى حساب بنكي بتطوان قصد تمويل المشروع، ثم أعيد إلى إسبانيا عندما عارضت
وزارة الأوقاف هذا المشروع. ونذكر من بين المؤيدين لهذا المشروع جمعيات محلية غير حكومية والحكومة الأندلسية في شخص ممثليها بتطوان لتمويل مشروع الترميم.

2 ـ هناك مشروع تحويل محطة القطار القديمة بتطوان إلى متحف للفنون التشكيلية، وقد قدمت اللجنة الفنية لجمعية تطاون أسمير باسم فناني تطوان وبتضامن بعض المهندسين المعماريين بالمدينة مشروعا لهذا المتحف، نرجو أن تتحرك الوزارة بتعاون مع المجموعة الحضرية بتطوان وبلدية الأزهر في هذا الاتجاه من جديد .

3. تقترح الجمعية تأسيس متحف بالمطامر، نظرا لطرافة هذه المعلمة التاريخية بتطوان، وهناك نموذج يمكن الاستفادة منه، هو متحف محاكم التفتيش بليما عاصمة البيرو. ومن المعروف أن الأسرى البرتغاليين كانوا يشتغلون في بناء أسوار المدينة خلال النهار وينامون في المطامر ليلا. وما زالت بقايا كنيسة موجودة بهذه المطامر، كما أنجزت دراسات علمية حول أهميتها التاريخية، وعلاوة على تقرير مفصل باللغة الإسبانية أنجز سنة 1929، هناك دراسة دقيقة في الموضوع للكاتب الإسباني الأستاذ المرحوم كييرموغوثالبس بوسطو.

4. تنوي الجمعية إنشاء متحف تطوان بدار غارسية، حيث هناك اتفاقية مع الحكومة الأندلسية والسيد عبد القادر الرزيني بشأن تأسيس وإنشاء متحف بدار غارسية بزنقة (الفران المسلس) بالمدينة العتيقة، لما تتميز به هذه الدار التاريخية الجميلة من مميزات عمرانية فريدة.

5- هناك فكرة لإنجاز مشروع متحف لثقافة البحر الأبيض المتوسط، من شأنه أن يعرف بثقافة المنطقة الشمالية وفنونها، ويساهم في إنعاش الثقافة بمدينة تطوان.

منشورات جمعية تطاون- أسمير

“تطوان و سياسة التنمية الاقتصادية و تدبير التراث الثقافي”

الدكتور امحمد بن عبود

بريس تطوان

يتبع…


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.