ساهم الرجال والنساء في البناء الحضاري والمعرفي للمجتمعات الإنسانية عبر التاريخ والمرأة المغربية بدورها ساهمت في بناء حضارة أمتها، ونضالها من أجل أسرتها ومجتمعها كان مستمرا عبر العصور ويذكر التاريخ نماذج لنساء ناضلن منذ القدم، وحققن مكاسب وإنجازات مهمة؛ منهن كنزة الأوربية وزينب النفزاوية والسيدة الحرة وخناثة بنت بكار ….
وتكاثف هذا النضال مع دخول الاستعمار الذي احتاجت مقاومته إلى تضافر جهود جميع المغاربة؛ حيث كانت المرأة المغربية حاضرة إلى جانب الرجل في مختلف مراحل المقاومة سواء كانت عسكرية أو سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية أو في إطار النهوض بهمم المغاربة لمواجهة الاستعمار والجهل والتخلف، متحدية بذلك النظرة السلبية والنمطية حول وظائفها التقليدية، قال السيد مصطفى الكتيري في هذا المعنى: «لقد نهضت المرأة المغربية بواجباتها الوطنية والمجتمعية، وقامت بها خير قيام متشبعة بالروح الوطنية وقيم المواطنة الحقة، فأكدت حضورها على الدوام كقوة فاعلة ومؤثرة ومشاركة، لا فرق بينها وبين الرجل، متحدية كل الصعاب ومتجاوزة الظروف التي تحد أو تضيق من مبادرتها اليقظة وممارستها الجادة، متطلعة إلى إثبات وجودها وأداء رسالتها بكل إيمان وعزيمة».
حيث انخرطت النساء المغربيات جسدا وروحا من أجل تحرير الوطن من نير الاستعمار واستعادة استقلاله وتمكنت المرأة المغربية من وضع بصمتها في ذاكرة المقاومة الوطنية. وعلى مدى سنوات النضال اضطلعت بأدوار رائدة؛ حيث كانت في طليعة الأحداث والمظاهرات الكبرى التي قادها الشعب المغربي من أجل كسر القيود الاستعمارية الفرنسية والاسبانية، ونددت بجميع أنواع الظلم.
وكما هو الحال في سائر ربوع المغرب، كانت المرأة في مدينة تطوان والنواحي حاضرة في المقاومة بجميع أشكالها، إلا أن توثيق الحضور النسوي في مكافحة الاستعمار كان باهتا إذا ما قورن بتوثيق مقاومة الرجال، ومن ثم فالإشكالية التي تعالجها هذه الورقة البحثية هي رد الاعتبار للمرأة بتطوان والنواحي بتوثيق وتثمين مشاركتها في العمل السياسي الوطني ما تفرق من أبحاث في هذا الموضوع. فكيف أسهمت المرأة ومكافحة الاستعمار بجمع . التطاونية في مكافحة الاستعمار؟ وما هي وسائلها في ذلك؟
وتهدف هذه الورقة البحثية إلى التحسيس بأهمية النضال الذي خاضته المرأة في تطوان والنواحي، في مكافحة الاستعمار واسترجاع الحقوق المسلوبة. ورصد دورها كشريك أصيل في مقاومة الاستعمار الاسباني من خلال الإشارة إلى إسهاماتها المتميزة في هذا المجال.
وتناولت هذا الموضوع بالدراسة والتحليل باستعمال المنهج التاريخي الذي يصف ويسجل الأحداث الماضية ويدرسها ويفسرها ويحللها على أسس علمية دقيقة؛ بقصد التوصل إلى حقائق وتعميمات تساعد في فهم الحاضر والتنبؤ بالمستقبل.
عنوان الكتاب: المرأة التطوانية وإسهامها في البناء الحضاري والمعرفي
الكاتب: كتاب جماعي
الناشر: مركز فاطمة الفهرية للأبحاث والدراسات (مفاد)
بريس تطوان
يتبع…