ما الذي يدفع أزواجًا إلى قتل شريكات حياتهم؟ - بريس تطوان - أخبار تطوان

ما الذي يدفع أزواجًا إلى قتل شريكات حياتهم؟

بقلم: محمد كريم اليوسفي

تتكرر بشكل مقلق حوادث العنف الأسري في المغرب، وآخرها الجريمة المروعة التي شهدتها مدينة طنجة صباح أمس الاثنين، حيث أقدم رجل أربعيني على قتل زوجته داخل بيت الزوجية، موجّهًا لها ثماني طعنات قاتلة، أمام أعين أبنائه الثلاثة. مشهد صادم يختزل مأساة اجتماعية وإنسانية تتجاوز حدود الجريمة الفردية.

هذه الحادثة، وغيرها من الوقائع المشابهة، تدفع إلى طرح تساؤلات عميقة حول ما يحدث داخل بعض البيوت المغربية: كيف يتحوّل الزوج، المفترض أن يكون شريكًا ومصدر أمان، إلى قاتل؟ وأي شرخ نفسي أو اجتماعي يدفع بشخص إلى ارتكاب فعل بهذه البشاعة تجاه من تقاسم معها الحياة والأبناء؟

يرى مختصون أن ارتفاع وتيرة هذه الجرائم يعكس خللًا في منظومة القيم والدعم داخل الأسرة، إلى جانب غياب قنوات فعالة للوساطة والتأطير الأسري. وفي ظل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، أصبح العنف وسيلة يلجأ إليها البعض لحل النزاعات، عوض الحوار أو طلب المساعدة.

كما أن غياب الوعي بضرورة الدعم النفسي والعاطفي، سواء للرجال أو النساء، يزيد من احتمالية وقوع مثل هذه الكوارث. وتبقى المرأة، في معظم الحالات، هي الضحية الأولى، في ظل هشاشة الحماية القانونية والاجتماعية التي تحيط بها.

القانون وحده، رغم ضرورته، لا يكفي لردع هذه الجرائم. فالتربية والتثقيف الأسري، وتمكين المؤسسات المعنية من التدخل المبكر، هي أدوات وقائية لا بديل عنها. ويبقى الإعلام، بدوره، مطالبًا بتسليط الضوء على هذه القضايا، ليس فقط من باب التغطية الإخبارية، بل من منطلق التوعية والتحسيس.

ضحايا هذه الجرائم لسن مجرد أرقام في نشرات الأخبار. هن أمهات، وشريكات حياة، وصاحبات أحلام وأدوار داخل المجتمع. أما الجاني، فغالبًا ما يكون شخصًا من داخل البيت، اختار أن يحوّل فضاء الأمان إلى ساحة مأساة.

إن تكرار مثل هذه الحوادث يفرض دق ناقوس الخطر، ويدعو إلى حوار مجتمعي شامل حول العنف الأسري، ودور المدرسة، والإعلام، والمجتمع المدني، في تعزيز ثقافة السلم داخل الأسر. لأن استمرار هذا النزيف يعني أن كل بيت قد يصبح، لا قدر الله، خبرا عاجلا جديدًا.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.