عمر .أ. من شمال أمريكا/ بريس تطوان
السؤال البسيط الذي أطرحه في هذا المقال إذا قام شخص متابع في قضية معينة بمدح أو شكر عناصر التحقيق وممثلي سلطة الادعاء العام، هل يمكن اعتباره أمرا عاديا وصحيا، أم أن هذا المدح والشكر هو مؤشر على وجود خلل معين في بنية معينة ؟
عندما ننتقل إلى التجارب الفضلى في الدول ذات التقاليد الديمقراطية العريقة، لا نجد أن هناك متهما معينا يقوم بشكر المحققين بل العكس هو الذي يحدث.
والدليل على حجاجنا أن الرئيس “دونالد ترامب” كان ولا زال يهاجم بشراسة خطيرة القضاة وممثلي سلطات الادعاء بل الأخطر، من ذلك يقوم بتجريحهم من خلال الخوض في حياتهم الخاصة وحياة أسرهم وهو أمر مرفوض من الناحية الأخلاقية والمعيارية القيمية.
مؤخرا قام الرئيس دونالد ترامب بالطعن في سمعة رئيسة النيابة العامة بمحكمة “أطلانطا” بدعوى ربطها علاقة غرامية مع زميل لها في المكتب وهي مسألة اعتبرها القضاء الأمريكي حرية شخصية بالنسبة للسيدة ممثلة النيابة العامة غير موجبة للتجريح.
من جهة أخرى، قام ترامب كذلك بالتعرض وتوجيه العديد من الاتهامات لإبنة أحد القضاة الذي يشرف على النظر في إحدى الدعاوي المرفوعة ضده بمدينة نيويورك.
بناء عليه نجد أن الرئيس ترامب لا “يمسح الكابة” للمحققين بل العكس من ذلك يقوم بمهاجتهم بكل ما أوتي من قوة.
وهكذا إذا قمنا بعكس هذه النازلة انطلاقا من مفهوم الهرم المقلوب، المعمول به في مجال الصحافة، أي أن نتخيل أن الرئيس دونالد ترامب المتابع على ذمة 92 قضية مدنية وجنائية عوض ان يقوم بالانتقاد، نجده على سبيل المثال خلال انتهاء كل جلسة استماع او تحقيق يشرع في إطلاق الكلام الجميل والاطراء المرصع في حق المحققين وممثلي القضاء.
هل كان هذا المدح والاطراء سيعتبر سلوكا طبيعيا ؟
هل ستثير مثل هذه العبارات العديد من الأسئلة لدى عموم المواطنين والمواطنات وجعلهم غير مطمئنين على مبدأ سيادة القانون فوق الجميع دون استثناء ؟ .
في تقديرنا البسيط وكاستنتاج أولي أجد أن انتقادات الرئيس دونالد ترامب الموجهة للمحققين والقضاة وممثلي سلطة الادعاء العام، رغم قسوتها وفظاظتها، تُظهر أن المجتمع والمؤسسات داخل الدولة الأمريكية هي مؤسسات ديناميكية،مؤسسات تعيش التدافع فيما بينها للوصول إلى الحقيقة ،وهذا مؤشر على أن العدالة والحرية ليس بمفهوم جامد وستاتيكي بل هي قضية تتقدم بالمفهوم الديالكتيكي للمعنى .