كيف يمكن لعلاقة ثنائية أن تتجرد من خصوصياتها وأن تفتح بابها أمام مئات العيون…؟ يتبادر هذا السؤال إلى ذهني متى صادفت عرضا شخصيا لخصوصيات الأفراد، يُبث أمام الملأ ويعلن بطلاه/بطله عن تخلصهما/تخلصه من الستار إلى الأبد…
العلاقة التي يمكنها أن تتخذ أوجها متعددة، زوجية، أسرية، اجتماعية، روحانية…، تفقد قيمتها وتذبل وهي تُستهلك على مرأى ومسمع من الجميع، وبقدر الخصوصية والحميمية يقاس حجم فقدان الإنسان لنفسه وتخليه عنها.
ثم يأتي رمضان، وتنطلق العروض الروحانية…؛
يُفتح باب الرياء على مصراعيه ويُصبح توثيق اللحظات الإيمانية واجب من الواجبات اليومية بل وفرض يدخل ضمن برنامج التعبد الرمضاني لعاشقي العناوين، المتشبثين بالغلاف، الرافضين فتح دفتي الكتاب، والمتعلقين بالمظاهر والإطار و… سفاسف الأمور، أشد تعلق… !
يأتي رمضان، ويبدأ الاستعراض دون توقف، للحظات تلاوة القرآن، للون السجادة وزخرفتها وقت الصلاة، للأصابع وهي تمر بين السبحة، لليد وهي تُصدق، للكف أثناء الدعاء، ولأكثر الأويقات خصوصية وحميمية…
ليظل السؤال مطروحا: لماذا؟
لماذا يُفلت الفرد أجمل اللحظات من قبضته ويركض خلف “عدسة الكاميرا”؟ لماذا يفسدها ويغلق أمام روحه المجال لتتشبع بالجمال …
الأمر أشبه بفاكهة لذيذة يتمسك صاحبها بالقشرة الخارجية وينسى اكتشاف اللب…، بل ويغفل عن ذلك تماما.
هوس المظاهر،
هذا الوباء الذي أبى إلا أن يتفشى وينتشر، وسط أرض افتراضية خصبة تثمر دون رواء ويتضخم شوكها، لتقتل روعة الحياة وثمار السلام الداخلي.
الوباء الفتاك الذي أفقد البشر لذة الحياة وطعمها، وجعل فئة لا يستهان بها، تعيش للآخر ومن أجله، تحيا بنقرات الإعجاب ويرتفع شأنها بعدد “الجادوغ”، ضاربة عرض الحائط كل الأبعاد مع اختلافها.
ثم يأتي رمضان، ولا تزال هذه الفئة تجهل أن الصلاة والصدقة والقرآن وإفطار المسكين والدعاء… للخالق وحده، وأنها لحظات خاصة لا شأن للآخرين فيها…
يأتي… ويتواصل اتساع رقعة الوباء وسط جهل تام بنوع اللقاح الناجع والفعال!!