كوني بستانا لا يذبل - بريس تطوان - أخبار تطوان

كوني بستانا لا يذبل

مهرولة على عادتي، فتحت باب الغرفة، أنرت المصباح، وارتميت داخلها على عجل… كان هدفي أخذ غرض والخروج بسرعة، قبل أن تسجنني المرآة لساعات!

مرت سنة أخرى… قالت الشابة التي تنظر إلي!
كلمح البصر مرت، بحلوها ومرها، بفرحها وقرحها مرت…

تأملت في عينيها جيدا، أطلت النظر، وكان بداخلهما بريق لازال يشع رغم قساوة التجارب والمواقف… رغم الضغوط، رغم السقوط والخيبات، رغم الوباء والأحزان والجنائز…، لا زال بعض الأمل يتشبث بها، ويرسم بسمة خفيفة على محياها تنذر بخيرات المطر، بالربيع، بموسم الحصاد، وبالكثير من الأعياد.

مرت سنة أخرى، تقول، ولا زلنا نتخبط في ذات الدوامة، دون أن نذكر كيف كانت الخطوة الأولى نحوها، كيف جئنا إليها، وكيف السبيل إلى بوابة النجاة!، كل ما ندركه أن الزهور التي بداخلنا لا تزال على قيد الحياة، ولا تنتظر سوى إلتفاتة من السماء حتى تنمو وتبتهج.

نقف اليوم يا عزيزتي، على أعتاب الواحدة وساعات قليلة تفصلنا عن الثانية، وإن العدد الزوجي إشتهر بكرمه على مر العصور ولن يخذلنا أبدا..، كلي أمل وتطلع… وكلي انتظار للانتصار.
بتنهيدة تختم حديثها، أرجوك أيتها الجديدة كوني خيرا، كوني بردا وسلاما، كوني حبا عظيما وبستانا لا يذبل!

نظرت مجددا لعينيها وقد اشتد بريقهما أكثر، وكأن السنة الجديدة تحمل كيسا من الهدايا، وهما يحاولان التعرف عما بداخله.

وقلت؛ وقد فكرت مليا في أحلامها المتعثرة:
جميلتي أنت أعلم أنك انتظرت الفرح مليا، أنك اشتقت لحياتك اليومية الطبيعية بحريتها وسلاستها وبساطة تفاصيلها… أدرك أنك سئمت القيود والإطار الذي وجدت فيه نفسك… أخبار التفاهة والتعاسة والبؤس تحبطك، وضبابية الأيام أنستك ألوان الطيف… أعلم هذا جيدا، أدرك أن السعادة فقدت طريقها إلى قلبك، وأن الحياة البئيسة أضحت مغارة مظلمة لا مخرج لها… نعم أعلم!!

لكن أرجوك لا تنتظري من الرقم الجديد أن يكون لطيفا، لا تطلبي منه حتى، كوني أنت البلسم الذي يداوي الجراح، كوني الرواء الذي يحيي الحقول، والأفكار التي تنير السماء…

غاليتي أنت، سرت على دربك العام الماضي وقضيت الأشهر المعدودة وأنا أنتظر، لم أحرك ساكنا، لم أدر مقود السفينة، اخترت البر إلى جانبك، أخذت قهوتي بين يداي وجلست أترقب هدوء العواصف، لم أدرك أن السباحة في العاصفة متعة، والركض تحت الأمطار دون مظلة متعة، والسفر إلى أعماقي متعة…

هات يديك سنبحر هذه السنة، سنخلق المتعة، وننقب عن النجاح حتى لو اختبأ تحت صخور الحياة.

هات يديك، فنحن من نتحكم في أحوال الطقس لا السماء.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.