كلنا معرضون لأمراض نفسية - بريس تطوان - أخبار تطوان

كلنا معرضون لأمراض نفسية

جائحة كورونا، تغيّر المناخ، الغلاء، فقدان شخص عزيز، فقدان وظيفة، وعدة أشياء أخرى جعلت أغلبنا في الآونة الأخيرة مرضى نفسيين دون أن نحس بذلك، وحتى إن أحسسنا، فإننا لا نُصدّق ولا نعترف، لأن المرض النفسي في مجتمعنا المغربي خاصة، والعربي عامة، هو أمر مخجل جداً.

فالمريض النفسي إن تحدّث عن مرضه أمام أحد، قد يزيد مرضه النفسي في التفاقم، لأنه لو حاول وتحدث، فالكل سينعته بالجنون. وحتى إن لم ينعته أحد بذلك، فإنهم سيعتبرون مرضه ناتجاً عن ضعف إيمانه وبعده عن الله. وهذا قد يزيد الطين بلة، ويتفاقم مرضه أكثر فأكثر. فربطنا للمرض النفسي بعدم الإيمان هو أمر خطير، وخطير جداً، في حق المريض النفسي.

إن المرض النفسي كلنا معرّضون له، تماماً مثل المرض العضوي أو حتى أكثر. فعندما يصيبنا المرض العضوي نركض فوراً إلى الطبيب، لكن عندما يصيبنا مرض نفسي، نستهتر به، ولا نعي أبداً أنه أمر خطير. فقد نصاب بحزن أو إرهاق نفسي ونتجاهله، دون أن نعرف أنه قد يؤثر على محيطنا القريب، وعلى العمل، والعلاقات، وعلى تفاصيل كثيرة أخرى. وإن تطور هذا الحزن أو الإرهاق ـ الذي حسبناه عابراً ـ إلى أشياء خطيرة، فقد يؤدي بنا إلى التفكير في الانتحار، أو أن نصبح خطراً على الآخرين ونرتكب جُرماً قد نندم عليه بعد فوات الأوان.

فنحن مرضى نفسيون، شئنا أم أبينا، وعلينا أن نتعامل مع المرض النفسي كما نتعامل مع المرض العضوي، وألا نخجل منه أبداً.

في المرض النفسي، علينا أن نلجأ إلى الله سبحانه وتعالى أولاً، وإلى الطبيب النفسي ثانياً، وليس إلى الراقي أو الفقيه، لأن هذا الأخير سيملأ العقول بالخزعبلات التي قد تزيد المرض استفحالاً، وليس ببعيد أن تؤدي بصاحبها إلى الجنون التام. لأن المرض النفسي هو خليط من الخوف والإحباط والاكتئاب والقلق، والراقي أو الفقيه سيؤكد للمريض، بلا شك، أنه مسحور أو به مسٌّ من الجن، وهذا سيزيد من حالته سوءاً، وقد يؤدي به إلى الجنون التام الذي لا ينفع معه علاج ولا دواء.

ولهذا، ف الطبيب النفسي وحده هو المؤهل للتكفل بحالات المرضى النفسيين، وليس غيره.

في الختام، يجب أن نعلم أننا كلنا بشر، وكلنا معرّضون للمرض النفسي، وأن نعي أن المريض النفسي ليس مجنوناً، وليس ضعيف إيمان، بل هو إنسان يتألم نفسياً، إنسان له ظروفه الخاصة. فالزوج، مثلاً، في مجتمعنا، تنهكه ضغوط الحياة من غلاء المعيشة، ومتطلبات الأبناء، ومصاريف الحياة، وغيرها. والزوجة أيضاً قد تنهكها ضغوط الحياة الزوجية ومشكلاتها. ولا ننسى كذلك الضغوط المحمولة من الطفولة.

لهذا، علينا أن نحمي أنفسنا، ونقي ذواتنا من كل أذى قد يصيب نفوسنا، تماماً كما نحمي أجسامنا، لأننا بكل بساطة، كلنا معرضون للأمراض النفسية.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.