كلمة بمناسبة الذكرى 71 لليوم الوطني للمقاومة والذكرى 69 للوقفة التاريخية لجلالة الملك المغفور له محمد الخامس على قبر الشهيد محمد الزرقطوني - بريس تطوان - أخبار تطوان

كلمة بمناسبة الذكرى 71 لليوم الوطني للمقاومة والذكرى 69 للوقفة التاريخية لجلالة الملك المغفور له محمد الخامس على قبر الشهيد محمد الزرقطوني

الحمد لله القائل في محكم التنزيل: (وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور)، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على إمام العارفين؛ سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد؛

فإن الاحتفال بالمناسبات الدينية والوطنية مما يجسد عمق ارتباط المومن بدينه ووطنه.

هذا التعلق المنبثق عن المحبة والوفاء، والصدق والإخلاص في أداء الأمانة التي حُمِّلَها الإنسان، ويكفي في هذا المقام التذكير بمثال من سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام في سياق ارتباطه بموطن مولده بمكة المكرمة، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: “ما أطيبك من بلد وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك”. (رواه الترمذي وصححه).

ومما يذكر في هذا السياق كلمة مأثورة ذات دلالات عميقة في النفوس، وهي:  “حب الوطن من الإيمان”.

وفي هذا السياق يأتي الحديث عن ذكريات وأيام خلدت بطولات المتقدمين؛ وعلى رأسهم السلاطين والملوك، ثم أبناء الشعب الصادقين الذين دافعوا بالغالي والنفيس عن وحدة هذا البلد واستقراره.

واليوم نحتفل بالذكرى 71 لليوم الوطني للمقاومة، والذكرى 69 للوقفة التاريخية لجلالة الملك المغفور له محمد الخامس على قبر الشهيد محمد الزرقطوني، ونستحضر في هذا اليوم المشهود جملة من الدروس والعبر، والتي أجمل بعضها فيما يلي:

أولا: التلاحم بين الملك والشعب:

والذي يجسده الالتزام بمقتضياتها من البيعة والسمع والطاعة، والوفاء في هذا الارتباط بإمارة المومنين الحامية للملة والدين.

ومن تأمل في الأحداث التاريخية الكثيرة التي مرت ببلادنا فسيقف أولا على المحبة المتجذرة في القلوب لأمراء المومنين، ومن جهة ثانية سيلاحظ الوطنية الصادقة في الدفاع عن الثوابت الدينية والوطنية، وعلى رأسها إمارة المومنين.

ويأتي الاحتفال بمناسبة عيد العرش المجيد وذكرى ثورة الملك والشعب مؤكدا على هذه المعاني الجليلة والعظيمة.

والتي نستحضر من خلالها جهود مولانا أمير المومنين جلالة الملك محمد السادس أعزه الله ونصره في خدمة الدين والوطن، ومن تأمل في هذا العهد المحمدي الزاهر فسيدرك بجلاء ما يتحمله أعزه الله في سبيل الرقي بهذا البلد الآمن والأمين في مختلف الميادين والمجالات، بما في ذلك الشأن الديني الذي عرف تطورا كبيرا؛ خصوصا من جانب تأصيل الوسطية والاعتدال، ودفع كل وجوه التطرف والانحراف، ومن هذا المنطلق يولي مولانا أعزه الله عناية خاصة بالقرآن الكريم والحديث الشريف، وبالثوابت الدينية المتمثلة في العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف السني إلى جانب ثابت إمارة المومنين.

ثانيا: تفاني الملك وشعبه في تحرير الوطن واستقلاله:

تصادف الذكرى 71 لليوم الوطني للمقاومة ذكرى استشهاد المقاوم البطل محمد الزرقطوني في 18 يونيو 1954، وتقترن بالذكرى 69 للوقفة التاريخية لبطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه أمام قبر الشهيد.

وهي فرصة للوقوف مع عطاءات هؤلاء الأعلام وسيرتهم العطرة، حيث استرخصوا دماءهم وأموالهم في سبيل حرية الوطن واستقلاله.

وقد أدركوا بكل يقين قيمة الوطن، وكانوا مثالا ونموذجا للصدق والوفاء، ويكفي أن في كل سنة يترحم عليهم وتخلد ذكراهم ويوقف فيها على محطات من حياتهم وما قدموه من أعمال جليلة كان لها الأثر الكبير في الخالفين، فما على من جاء بعدهم إلا أن يستفيد من حياتهم ويواصل سلسلة خدمة الدين والوطن بما آتاه الله، ولو بالقليل، بما في ذلك استحضار حس المسؤولية وعظم الأمانة، يقول الله عز وجل: “ونكتبُ ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين”.

وهنا أيضا نستحضر العنصر الوطني: وقد سبق معنا هذه المقولة المأثورة “حب الوطن من الإيمان”، ونقصد بهذا العنصر روح الوطنية عند الصادقين من أبناء هذا البلد الآمن والأمين في مختلف الأعصار والقرون، وقد دون التاريخ جملة من بطولات هؤلاء الأبطال؛ وعلى رأسهم سلاطين وملوك الدولة العلوية؛ كبطل التحرير جلالة المغفور له السلطان محمد الخامس، وولي عهد آنذاك الملك العبقري الباني السلطان الحسن الثاني طيب الله ثراه ومن معهم في الحركة الوطنية المنبثقة من حس التشبت بإمارة المومنين الحامية للملة والدين ضد كل أطماع المستعمر الذي يطمع في الاستيلاء على أجزاء من مملكتنا المغربية الشريفة حرسها الله.

فنسأل الله تعالى في ختام هذه الكلمة أن نكون ممن يسعى في تقديم ما ينفع هذه الأمة، ويمضي بها قدما إلى تحقيق معالي الأمور، وتحقيق الأمن والاستقرار بتوفيق الله وتيسيره.

حفظ الله مولانا أمير المومنين، وحامي حمى الملة والدين، جلالة الملك محمد السادس وأدام عزه ونصره، وأدامه لهذا الوطن منارا عاليا وسراجا هاديا، وأبقاه ذخرا وملاذا لهذه الأمة، وأقر عين جلالته بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل المولى الحسن، وشد عضده بصنوه السعيد مولاي رشيد، وفي كافة أسرته الملكية الشريفة.

وارحم اللهم الملكين الجليلين؛ مولانا محمدا الخامس، ومولانا الحسن الثاني، اللهم طيب ثراهما، وأدخلهما برحمتك في عبادك الصالحين.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.