قراءة فـي كـتـاب الحركـة العلميـة فـي سـبتة خـلال القرن السابع - بريس تطوان - أخبار تطوان

قراءة فـي كـتـاب الحركـة العلميـة فـي سـبتة خـلال القرن السابع

_ وصف الكتاب شكلا ومضمونا

أ – وصف الكتاب من حيث الشكل : يتألف كتـاب الحـركـة العلمية في سبتة خلال القرن السابع الهجـري مـن 445 صـفـحة مـن الحجـم المتوسط، وهـو رسـالة علميـة جامعيـة أعـدها وأنجزهـا المؤلف، ونال بهـا دبلـوم الدراسات العليا في العلوم الإسلامية، والحديث مـن دار الحديث الحسنية العامرة سنة 1985م، وهـو مـن منشورات جمعية البعـث الإسلامي بتطوان، وطبع بمطبعة النور سنة 1986.

ب – لغتـه وأسلوبه: لغـة المؤلـف وأسلوبه يتميــزان بالمثانـة والرصـانة والسلاسة، وجمـال العبـارة، فنحـده في كـل مباحث كتابـه الحركـة العلميـة يسترسل في أسلوبه استرسالا عذبا لا يتكلف سجعا، ولا غريب لفظ.

فجاءت لغتـه عذبة سلسـة كـالزلال لا يشعر القـارئ بالملـل وهـو يقـرأ الكتاب، ويشتهي دوام مطالعته.

فقـد كـان رحمـه الله فصيحا وخطيبـا مفوهـا فـاسمـه الخطيـب مطـابق لمسماه .

ج -منهج المؤلف رحمـه الله: ذكـر الشيخ الجليـل إسماعيـل الخطيـب رحمه الله أن مـن العقبـات الـتي اعترضته وهـو ينجـز هـذا العمـل الـقـيـم قلـة المصـادر، وصعوبة الاطلاع عليهـا لأن جلهـا مخطـوط وبـدون فـهـارس تسهل الاستفادة منهـا، ولهـذا وضـع منهجـا متميــزا اتبعـه في جمـع مـادة البحـث والتنقيب عنها.

قال رحمه الله – وهو يتحدث عن هذا المنهج: “وابتدأت بكتب التراجم، أسجل منها أسماء السبتين وأطل من خلالها على الحياة العلمية بسبتة في شتى العصور، فكانت هي الباب الذي ولجت منه نحو آفاق البحث والدراسة. وعرجت على كتب التاريخ، ومن محاسن منهج علمائنا الأقدمين عدم تقيدهم بالموضوع تقييد المنهج الحديثي فالاستطراد الذي شغف به طائفة منهم. زودنا بمعلومات وفوائد ما كنا لنجدها في كتب التاريخ.

أمـا الفـهـارس فتظـل المصـدر الأساسـي لدراسـة الحركـة العلميـة في أي عصر من العصور.

المصادر الأساسية التي اعتمدها المؤلف:

ذكـر المؤلف رحمه الله في مقدمة كتابه ” الحركـة العلمية في سبتة خـلال القرن السابع أهم المصادر التي اعتمد عليها واستفاد منها وهي:

1 – برنامج القاسـم بـن يـوسـف التجيـبي المتوفى سنة 730 هـ، حققه الدكتور عبد الحفيظ منصور، ونشرته الدار العربية للكتاب بليبيا

2- اختصـار الأخبـار عـمـا كـان بثغـر سـبتة مـن سـني الآثـار، لمحمـد بـن القاسـم الأنصــاري السـبتي المتـوفى بعـد سـنة 825. حققـه ذ عبـد الوهــاب بنمصور، وطبع بالمطبعة الملكية بالرباط سنة 1389 هـ 1969م

3- بلغة الأمنية، ومقصد اللبيب فيمن كان بسبتة في الدولة المرينية من مدرس، وأستاذ وطبيب، لمؤلف مجهول ؛ إلا أنه من رجال القرن التاسع الهجري، وتوفي سنة 820 .

ورجـح الشيخ إسماعيـل الخطيـب رحمـه الله، أنـه للحضـرمـي قـال رحمـه الله:” يرى البعض أنـه للأنصـاري صـاحب “اختصـار الأخبـار” بينمـا يـرجح آخــــرون، أنـه للحضـرمـي صـاحب : “الكـوكـب الـوقـاد”، ولعـل هـذا هـو

الصحيح، وتوجد نسخ مخطوطـة خاصـة مـن هـذا الكتـاب كـمـا نشـر في مجلة تطوان.

4 – البيـان المغرب في اختصـار أخبـار مـلـوك الأندلس والمغرب، لابـن عذاري المراكشي المتوفى سنة 695 هـ .

د-وصف الكتاب من حيث المضمون :

يشتمل الكتاب على مقدمة تمهيدية، وأربعة أبواب، وخاتمة وفهارس.

المقدمـة : تحـدث فيهـا عـن أهميـة البحـث في الحركة العلمية في سبتة، وأسباب اختياره لهـذا الموضـوع، والمصـادر الـتي اعتمـد عليهـا في هـذا العمـل والصعوبات التي اعترضته أثناء البحث .

التمهيد : ضم ثلاثة فصول :

الفصـل الأول : تناول فيـه بالدراسـة أصـل كـلـمـة “سبتة” وسبب تسمية المدينة بهذا الاسم وموقعها الاستراتيجي الممتاز.

الفصـل الثـاني : قـدم فيـه نظـرة تاريخيـة عامـة عـن سـبتة (مـن الـفـتـح إلى عهد الموحدين).

الفصل الثالث : تحدث فيه عن مدينة سبتة في القرن السابع الهجري.

الباب الأول: يحتوي على أربعة فصول :

الفصل الأول : خصصه للحديث عن سبتة “دار علم”

الفصـل الثـاني : ذكـر فيـه المراكـز العلميـة في سبتة (الكتاتيـب – المساجد – المدارس – المكتبات)

الفصل الثالث : تناول فيه بالدراسة طرق التعليم في سبتة ومنها : (الحفظ، والمناقشة، المناظرة)

الفصل الرابع : تحدث فيه عن الوراقة

الباب الثاني : ضم ثلاثة فصول:

الفصـل الأول : بين فيـه جهـود علمـاء سـبتة في خدمـة القـرآن وعلومـه والتفسير والقراءات

الفصـل الثـاني : ذكـر فيـه جهـود علمـاء سـبتة في خدمـة الحـديث وعلومه، وأعلامه، ومصادره.

الفصل الثالث : تناول فيه إسهام علماء سبتة في الفقه وأصوله

البـاب الثالث : خصصـه للحـديث عـن إسـهام علمـاء سـبتة في اللغـة والنحو والأدب، وضم فصلين :

الفصل الأول : ذكر فيه إسهام علماء سبتة في اللغة والنحو

الفصل الثاني : تحدث فيه عن علماء سبتة في الأدب

البـاب الرابـع : بـيـن فيـه إسهام علمـاء سبتة في التاريخ، والسير، والجغرافيا، والفلك، والطب والتصوف

الخاتمة : ضـمنها خلاصـة البحث وأهـم نتائجـه، ووضـع فيهـا فـهـارس علميـة تسهل الاستفادة من الكتـاب كـفـهـرس كتـب السبتيين والأماكن بسبتة، والقبائل والفرق، والمصادر والمراجع والموضوعات.

أهمية الكتاب :

للكتاب قيمة علمية كبيرة تتجلى فيما يأتي :

1- إن الكتاب أسـهـم في نفض الغبـار عـن التـاريخ العلمـي لمدينـة سـبتة السليبة خلال الفترة المدروسـة (القـرن السابع)، وفـتـح أمـام البـاحثين مجـالا واسعا لدراسة الحركة العلمية بهذه المدينة خلال تاريخها الحافل”.

إن الكتاب أبرز أن المكتبة السبتية مكتبة متكاملة فهي تحتوي على كتب قيمة في شتى أنواع الفنون من تفسير، وأصول، ونحو، وتاريخ إلى جانب الطب، والصيدلة، والأعشاب والفلك وغيرها.

_ إن الكتـاب يـبرز وعـي علمـاء الأندلس بأهميـة الوحـدة الإسلامية وحرصهم على تحقيقهـا بحيث استطاعوا أن يربطـوا مـدينتهم بالعالم الإسلامي، وبذلك حافظوا على الوحـدة الفكريـة الـتي كـانـت مـن أبـرز سمـات هـذا العـالم الممتد مـن شـاطئ المحيط إلى تخوم الصين. وإذا كان موضـع سـبتة الجغرافي ممتـازاً واستراتيجياً، فـإن أعـلام سـبتة عملـوا عـلـى أن يكـون رابطـا بـين الشـرق الإسلامي وغربه.

ـ إن هـذا الكتـاب يبـين بجـلاء حـب مؤلفـه لوطنـه المغـرب واعتـزازه بوطنيته، وحرصـه الشـديد على الإسهام في تحريـر مـا بقـي مـن مـدنـه وأراضـيه تحت نير الاستعمار فنجـده يتألم ويتحسـر لـكـون هـذه المدينة المغربيـة الـتي كـان علماؤهـا روادا ونبغـاء في العلـم والمعرفـة مـا زالـت محتلة، ومما يزيد في ألمـه أن المثقفين المغاربة لم يقوموا بواجبهم في بحـث ودراسـة التـاريخ العلمي والحضـاري والسياسي لمدينة سبتة السليبة واعتبر رحمه الله أن القيام بهذا الواجـب إسهام في تحريرها فقال رحمه الله:

“لقـد اسـتطاعت الصليبية بحقـدها أن تمحـو حـتى المعـالم التربويـة الإسلامية، ولم يبق من الآثار الإسلامية شيء يذكر”.

وتساءل: ماذا عمل المغاربة من أجل استرجاع مدينتهم السليبة ؟

وجـاء الجـواب : لقـد عمـل المغاربـة طـوال هـاتـه القـرون التي تفـصـلنـا عـن تاريخ استعمار سبتة على استعادة المدينـة، ولكـن دون جـدوى، وإذا كـان المغاربة لم يوفقوا في استرداد مـدينتهم، فهـل قـاموا بواجـب البحـث في تاريخهـا العلمي والحضاري والسياسي؟

ماذا كتب المغاربة عن سبتة من أبحاث ودراسات ؟

وهنـا يـأتي الجـواب الـذي لا يسـر.. إن المغاربة لم يقـدموا لمـدينتهم في ميدان البحـث شـيئا يذكر، نعـم كـتـبـت أبحـاث ومقالات، وترجم للعديد مـن أعلامها، كمـا نشـرت تـاليفهم، لكـن ذلـك كـلـه لا يعطـي الصـورة الواضحة لما كانت عليه المدينة من تقدم فكري ملحوظ.

الكتاب: السنة النبوية في سبتة العالمة

الكاتب: أ.د محمد الشنتوف أستاذ التعليم العالي بكلية أصول الدين بتطوان

بريس تطوان

يتبع…


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.