"خطاب العرش المجيد 2023: الجدية مفتاح التنمية " - بريس تطوان - أخبار تطوان

“خطاب العرش المجيد 2023: الجدية مفتاح التنمية “

 

 

 

يشكل عيد العرش المجيد ذكرى لتجديد البيعة والولاء والطاعة لمولانا الإمام أسماه الله وأعز أمره.

من بين الآليات الدستورية التي تعتمد عليها المؤسسة الملكية في عملها وإعداد السياسة العامة للدولة وتوجيه السياسات العمومية، نجد آلية توجيه الخطاب الملكي السامي، تماشيا مع الفصل 52 من الدستور الجديد، هذا الفصل يدل على الملكية المتكلمة، الملكية التي توجه وتشرف وتتبع التنفيذ، ملكية تقول وتعمل، ملكية المشاريع والبرامج التنموية، ملكية جعلت المغرب في مصاف الدول المتقدمة ومن القوى العالمية.

 

لقد عنون صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده خطاب العرش المجيد بالجدية ونوه بأخلاق المغاربة، وبالتلاحم القوي بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي الوفي، فمصطلح الجدية تم ذكره في خطاب اليوم كثيرا، وهذه رسالة لمختلف المسؤولين في مؤسسات الدولة بأن يتسلحوا بالجدية والصرامة والإخلاص لله والوطن والملك أثناء أدائهم لعملهم.

 

أكد جلالة الملك حفظه الله ورعاه بأن النموذج التنموي الجديد بلغ مرحلة النضج وأنه الآن في مرحلة تتطلب الكثير من الجدية.

وفي مستهل الخطاب السامي، نوه جلالته نصره الله وأيده بالمسار الكروي الذي حققه المنتخب المغربي في كأس العالم السنة الماضية بفضل جديته ووطنيته العالية، حيث أن الإنجاز الكروي منح المغرب مكانة متميزة، وفي الجانب الديبلوماسي، ثمن جلالته أسماه الله وأعز أمره بالإعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء وفتح القنصلية بمدينة الداخلة المغربية، وتجدر الإشارة أن الرسالة التي بعثها رئيس وزراء إسرائيل لجلالة الملك، هي رسالة من تل أبيب للعالم، لاسيما أن محتوى الرسالة أكدت بأن إسرائيل ستخبر جميع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية التي تتعامل معها بهذا القرار التاريخي، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الدعم الإسرائيلي لقضية وحدتنا الترابية، والإعتراف الإسرائيلي ما هو إلا إستمرار لمسلسل النجاحات الذي تحققها الديبلوماسية المغربية الناعمة، فالديبلوماسية المغربية تقوم على الجدية والحزم والمصداقية.

 

وفي ثنايا الخطاب الملكي السامي، كانت هناك ضربة موجعة لأعداء وحدتنا الترابية، الذين يروجون لإشاعات ومغالطات بخصوص القضية الفلسطينية، فجلالة الملك حفظه الله ورعاه أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس، أكد بأنه سيظل داعما لهذه القضية وبإقامة دولة فلسطين عاصمتها القدس الشريف.

وتجدر الإشارة أن الديوان الملكي كان قد أصدر بلاغا هذه السنة لحزب العدالة والتنمية بهذا الخصوص وأكد فيه أن القضية الفلسطينية يضعها المغرب في مرتبة قضية وحدته الترابية وبأن السياسة الخارجية للمملكة المغربية العلوية الشريفة مجال محفوظ بيد المؤسسة الملكية.

 

للإشارة فقد سبق لجلالة الملك حفظه الله ورعاه أن استقبل في القصر الملكي في شهر ماي شابين مغربيين، واحد منهما قام بصناعة سيارة مغربية والآخر قدم سيارة تعمل بالهيدروجين، واليوم في خطابه السامي ذكرهما جلالته وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على احتضان المؤسسة الملكية للصناعات المغربية الرائدة التي تشرف بالمغرب عالميا.

 

يُذكر  أن المغرب بفضل التوجيهات الملكية السامية يعمل على تشجيع وتثمين المنتجات المحلية ويشجع أكثر فأكثر علامة صنع بالمغرب تماشيا مع ميثاق الإستثمار الجديد (القانون الإطار 03.22) الذي يهدف للدفع بالمقاولات المغربية نحو العالمية.

 

كما قلنا بأن جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره اختار عنوان الجدية في خطابه السامي، حيث شدد جلالته على تطبيق الجدية في الحياة السياسية والإدارية والقضائية، خدمة للمواطن، وتغليب المصالح العليا للوطن، وقد سبق لجلالته في خطاب افتتاح البرلمان سنة 2018 أن دعا إلى ترك المزايدات والحسابات الضيقة. جانبا

منذ اعتلاء جلالة الملك عرش أسلافه المنعمين وهو يولي عناية فائقة للقطاع الاجتماعي، لاسيما في مجال الصحة والتعليم والشغل والسكن، وقد أكد جلالته اليوم على هذا المعطى، حيث لاحظنا إطلاق العديد من المبادرات الملكية السامية من قبيل: المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، صندوق التكافل العائلي، صندوق دعم التماسك الاجتماعي والحماية الإجتماعية، برنامج تيسير، برنامج مليون محفظة، إصلاح قطاع الصحة من خلال قانون الإطار 06.22، إطلاق ورش مدن المهن والكفاءات، برنامج مدن بدون صفيح، برامج فرصة، وأوراش، وانطلاقة.

 

كما دعا جلالته باقي الفاعلين الاقتصاديين وقطاع الاستثمار والإنتاج والأعمال بالجدية، وقد سبق لجلالته نصره الله وأيده في خطابي افتتاح البرلمان سنة 2019 و2022 أن دعا القطاع الخاص للانخراط في الورش التنموي ببلادنا، فتشجيع الاستثمار تعتبر عبقرية ملكية تم نهجها منذ اعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين، من خلال إحداث المراكز الجهوية للاستثمار.

 

لقد أكد جلالته بأن الأزمة العالمية التي يشهدها العالم والجفاف أثرت على المعيشة وتباطؤ وثيرة النمو الاقتصادي، وقد وجه جلالته الحكومة لمواجهة ذلك وضمان تزويد الأسواق بالمنتوجات الضرورية، وتجدر الإشارة أن المغرب يعتبر من البلدان الأولى التي واجهت جائحة كورونا بمقاربة أساسها الحكامة الجيدة حيث تم توفير الأمن الغذائي في حين بلدان كانت تعاني من المجاعة، كما أن جلالته قد سبق أن أكد السنة الماضية في خطاب العرش المجيد بأنه تمت مواجهة الجفاف بتقديم دعم للفلاحين كما تمت مواجهة الأزمة بتوجيه الحكومة بالاعتماد على الموارد الضرورية، بل أكثر من ذلك أن جلالته في خطاب العرش السنة الماضية أكد أنه تم تخصيص أكثر من 32 مليار درهم لصندوق المقاصة.

 

أكد جلالته أيضا بأن معدل التضخم قد تراجع والمطلوب هو الجدية واستثمار الفرص وإنعاش الاقتصاد الوطني، وفي هذا الصدد تم إطلاق مشروع الاستثمار الأخضر للمكتب الشريف للفوسفاط وتسريع مشروع الطاقات المتجددة، إستكمالا لمخطط المغرب الأصفر.

 

وما يميز المؤسسة الملكية أنها تطلق المشاريع والأوراش الكبرى وتتبع تنزيلها على أرض الواقع، فقد أكد جلالته بأن الحكومة أعدت مشروع عرض المغرب في مجال الهيدروجين الأخضر.

 

الخطاب الملكي السامي أكد بأن ورش الحماية الاجتماعية سيعرف هذه السنة تنزيل المرتكز الثاني منه المتعلق بتعميم التعويضات العائلية، وقد سبق لجلالته أن أكد على ذلك في خطاب العرش سنة 2022، وكما قلنا بأن المؤسسة الملكية تتميز بالتتبع الصارم والجدي لمختلف المشاريع، فجلالة الملك حفظه الله ورعاه كان قد أعلن سنة 2020 في خطاب افتتاح البرلمان عن إطلاق ورش الحماية الاجتماعية وحدد مدته الزمنية، ونحن اليوم نرى الالتزام والإحترام الزمني لهذا المشروع الملكي الذي يعتبر ثورة جديدة للملك والشعب.

 

شدد جلالته حرصه على تنزيل البرنامج الوطني للماء 2020-2027 الذي سبق أن تحدث عنه في خطاب افتتاح البرلمان 2022 وترأس جلالته عدة جلسات العمل بخصوصه، لكون قضية الماء تعتبر أولوية وطنية، وأكد جلالته بعدم التساهل مع أي شكل من أشكال سوء الحكامة والتدبير والاستعمال الفوضوي واللامسؤول للماء.

 

دعا جلالته للتشبث بالجدية في التمسك بالقيم الدينية والوطنية وبالوحدة الترابية وبالروابط الاجتماعية العائلية لاسيما أن جلالته يولي عناية فائقة للأسرة وهذا ما لاحظناه في خطاب العرش السنة الماضية، ثم التشبث كذلك بمواصلة تنزيل النموذج التنموي لتحقيق التقدم الاقتصادي والعدالة الإجتماعية والمجالية.

 

أكد جلالته حفظه الله ورعاه على إقامة علاقات وطيدة مع مختلف دول العالم، في إطار سياسة المغرب الخارجية القائمة على تنويع الشراكات، وأكد جلالته مجددا على مد يده الطاهرة والشريفة في إطار سياسة السلم وحسن والجوار اقتداء بجده سيدنا ومولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقصد هنا الجزائر، حيث أن جلالته اختار ثلاثة خطب سامية بمناسبة عيد العرش المجيد (2021-2022-2023) لنهج سياسة اليد الممدودة وأكد مرة أخرى أن المغرب لن يكون مصدر شر للجزائر، وهذه هي أخلاق الملوك العلويون الكرام، فجلالة الملك حفظه الله ورعاه يتطلع لعلاقات أفضل مع أشقاءنا الجزائريين قيادة وشعبا ولفتح الحدود وإقامة مغرب عربي قوي يساهم أيضا في تقوية الاتحاد الإفريقي.

 

البشير الحداد الكبير

  باحث بسلك الدكتوراه بكلية الحقوق بطنجة


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.