«كنا متفقين على أن لا نفترق أبدا»، لكن لا مرد لقدر الله
كانت السيدة زبيدة أفيلال تواكب الأنشطة التي يقوم بها زوجها، الشهيد امحمد بن عبود. وكان من المقرّر أن تسافر معه إلى باكستان، حيث كان سيشارك في المؤتمر الإسلامي الدولي الذي عقد في كراتشي من 26 نوفمبر إلى 10 ديسمبر 1949 زار أحمد بن عبود شقيقه محمدا، لتوديعه في الليلة التي سبقت الرحلة. عندما رأى حمل السيدة زبيدة أفيلال، أخبرها أنه سيكون من المخاطرة أن تقوم بهذه الرحلة، لأنها ستكون خطيرة للغاية عليها وعلى الذي في بطنها. وهذا ما يتضح من خلال الرسالة التي أرسلتها من القاهرة إلى والدها الفقيه محمد أفيلال بتطوان تشرح فيها الأسباب التي عاقت سفرها صحبة زوجها:
«عندما دعت الحكومة الباكستانية المغفور سي امحمد للذهاب إلى المؤتمر المشؤوم اعتزمنا السفر نحن الاثنين، كأننا كنا متفقان على أن لا نفترق أبدا، ولكن لا مراد لما أراد الله، وبعد أن حصلنا على التسريح وحجزنا التذاكر في الطائرة، فمن الاثنين وقبل موعد السفر بيوم واحد جاء من الباكستان اثنين من الأمريكان لهما اتصال وثيق بالدكتور، وأخبراه أن الطرق من هناك إلى هنا صعب وصعب جدا، خصوصا وأنا في ابتداء الحمل، بحيث إذا نزلت من طبقات الجو تسبب لي تعباً وربما في السقط. ومن أجل ذلك استدعى الدكتور أخوه للمستشفى ليلا وأخبره بالأمر كله وأنه إذا أصرّ على سفري فإنني سأتعرض لما لا تحمد عقباه، فخضعنا للأمر الواقع وفوضنا أمرنا إلى الله. واتفقنا على سفره هو ولكن على ألا يغيب أكثر من عشرة أيام…».
ومن كراتشي بعث الشهيد رسالة إلى زوجته بالقاهرة مؤرخة في 26 نوفمبر 1949 (وهي آخر رسالة في حياته ) يحمد الله فيها على عدم اصطحابها معه. يقول فيها: «عزيزتي زبيدة، إليك أجمل تحياتي… فأرجو أن تكوني في عافية وهناء ويسرني أن أذكر لك أن رحلتي في الطائرة كانت على أحسن ما يرام، هادئة وممتعة، وقد وجدت الجو هنا جميلا معتدلا، ولكن حمدت الله على عدم مجيئك معي إلى هنا نظرا إلى إن وسائل الراحة بالنسبة لك غير متوفرة، ونظرا إلى أن أوقاتي كلها مشغولة، وتنقلاتي كثيرة من مكان لآخر …».
عنوان الكتاب: المرأة التطوانية وإسهامها في البناء الحضاري والمعرفي
الكاتب: كتاب جماعي
الناشر: مركز فاطمة الفهرية للأبحاث والدراسات (مفاد)
بريس تطوان
يتبع…