محنة الباكالوريا من ابن رشد إلى نابوليون
رُبّما تكونُ البدايات الحقيقية لظاهرة الامت
وفي عام 1808 ابتدعَ نابليون بونابرت الباكالوريا كوسيلة لتحسين نظام التعليم وتقديم وسيلة موحدة لقياس مستوى التحصيل العلمي للطلاب في نهاية المرحلة الثانوية. ولكن مع مرور الوقت، تحولت هذه الأداة إلى مصدر كبير للتعذيب النفسي والعاطفي لطلاب العلم، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرتها على قياس الإبداع والابتكار الفكري.
لم يتغيّر شيء…
في عام 1998، اجتزتُ نفس امتحان البكالوريا، وكانت التجربة مشابهة تماما لما يعيشه الطلاب اليوم. التركيز كان على الحفظ واسترجاع المعلومات، وليس على الابتكار أو التفكير النقدي. كان النظام يعتمد بشكل كبير على قياس القدرة على استرجاع أكبر قدر ممكن من المعلومات داخل الزّمن المُعلّب. لم يتغير شيء حتى بعد مرور أكثر من عقدين من الزمن…
2024
تجتاز، اليوم، ابنتي الكبرى نفس الامتحان، وما زالت نفس المعاناة، ومعها محنة ابن رشد، مستمرة. الطريقة نفسُها ترومُ تقييم الطلاب بمقاس الكمّ وليس الكيف، الحفظ وليس الابتكار. ويستمرّ شُهداء الحُلْم في التساقُط تباعا في غابة من الأشجار التي لا تثمرُ غير الخَواء. فحتّى المواد العلمية والتقنية، التي تستدعي التحليل والاستنباط، طالها نفسُ المنهج القائم على الوصول إلى النتائج عبر الطّرُق المُسطّرة مُسبقا في الكتب المقرّرة، أو في الوحي الرّقمي الذي لا تطالُه مقصّات الرّقابة _ ومَنْ لَغَا فَلَا نَجَاحَ لهُ..
أليس من العيب أن نستمر بنفس الأسلوب في تقييم الطلاب بعدعشر سنوات من التحصيل في ثلاثة أيام من الامتحانات حُسُوماً؛فلا اعتبار
لقد بات من الضروري إعادة النظر في هذا النظام وتحديثه بما يتماشى مع متطلبات العصر الحديث، فنحن بحاجة إلى أفراد يحملون ‘بورتفوليو’ من الأفكار وليس مجرد سير ذاتية تعج بالشواهد والإثباتات التي لا تعادلها المعرفة المتنوّرة النابعة من نظام تعليمي أكثر عدلاً وإنسانية.