“بالينسيانا د السدراوي”.. تطوان ومليلية في الزمن الجميل (الحلقة1) - بريس تطوان - أخبار تطوان

“بالينسيانا د السدراوي”.. تطوان ومليلية في الزمن الجميل (الحلقة1)

بريس تطوان

حديث قبل البداية

في أحد أيام زمن الجائحة، انتابني شعور بضرورة زيارة ما كان يسمى ب”كاراج السدراوي” الكائن حطامه،حاليا بشارع الحسن الثاني ،وهو شارع كان يعرف عند أهل تطوان، بطريق الشلال.

وكان هذا المرآب في الماضي الجميل، يعج بالحركة والصخب ،غاصا بجموع السائقين والميكانكيين ،وصناع المطالة،ومساعدي السائقين، الذين كان يطلق عليهم مصطلح “جودانتيس” .

وكانت جميع حافلات شركة “السدراوي” تخضع بهذا “المرآب” لفحص دقيق لمحركاتها ،وأضواء إشارتها والأضواء الكاشفة للضباب، من طرف الطاقم الميكانيكي الذين كانوا يشتغلون بإخلاص ،وعزم لا يلين ، قبل السماح للحافلات بالمغادرة نحو وجهاتهم المعلومة.

وكنتَ دائما تجد الطاقم الميكانيكي والسائقين و “جودانتتيس” ،يتجاذبون أطراف الحديث بلغة شمالية راقية ، ممزوجة بعبارات اسبانية ،لأن بعض المكانيكيين والفنيين العاملين بشركة “السدراوي” في عصرها الذهبي، كانوا مواطنين اسبان، وذلك قبل أن يتبخروا شيئا فشيئا، لينقرضوا تماما ، كما انقرضت بعض الأماكن والفضاءات وباقي الأشياء الجميلة بمدينة الحمامة البيضاء .

وهكذا كان “كاراج السدراوي” في الزمن الجميل عبارة عن مختبر للغات والثقافات تتمازج فيه اللغة الريفية باللهجة الجبلية، واللغة الاسبانية .

نعم وهذه شهادة للتاريخ وللأجيال القادمة ، لقد كان “كاراج السدراوي ” يشهد صخبا شديدا ونشاطا حركيا لا يتوقف، لكنه كان “كاراجا” حقيقيا بكل ما تحمله الكلمة معنى .

كان مكانا يفيض بالحياة والأمل ، قبل أن يتحول إلى أطلال تلوح كبقايا الوشم على ظاهر اليد، ويسود جنباته التي كانت عامرة في الأيام الزاهية ،صمت رهيب ، يشبه حاليا صمت القبور .

للأسف وخلال رحلة بحثي الطويلة عن أسرار حافلة جبال الريف الأسطورية الرابطة بين تطوان ومليلية ، لم أعثر إلا على النزر القليل من الصور التي تخلد تلك الذكريات الجميلة ، وهذا أمر لا يثير أية غرابة في بلد يسمى المغرب ،فكنت مضطرا أن أربط الاتصال بمتحف حافلات “داف” بمملكة الأراضي المنخفضة ،وفعلا عثرت على بعض الصور لحافلات تلك الحقبة الزمنية ، وأمل في المستقبل أن أعثر على مزيد من صور حافلة “بالينسيانا ” الرائعة .

البداية

أظن من السهل أن يتذكر أهل تطوان و سبتة جيدا، أنه في الماضي الجميل ،كانت هناك حافلة تسمى “بالينسيانا أو “طرانبيا ” تربط بين مدينتي سبتة وتطوان ذهابا وإيابا بكل سلاسة ، ودون أية عراقيل تذكر، وذلك قبل أن يحل الخراب العظيم ،بمعبر “ديوانة” باب سبتة، ويتحول إلى أسوأ معبر حدودي في العالم، حسب وصف الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب “.

لكن ربما العديد من التطوانيين والتطوانيات، يجهلون تماما ،أنه حتى أواخر سنوات السبعينيات كانت هناك حافلة أخرى غير مشهورة كنظيرتها “السبتاوية” ، تولي وجهها صوب الشرق ،تنطلق من” خينسيا د تطوان “، وتدخل إلى قلب مدينة مليلية هي وسائقها بدون تأشيرة، أو ورقة خضراء ،حين كانت العلاقات غير متشنجة في مغرب الأمس.

إنها حافلة” السدراوي” أو ما كان يصطلح عليه باللهجة الريفية” كار د فاميليا” أي “حافلة العائلة”، فما هي حكاية هذه الحافلة التي طواها النسيان، كما طوى العديد من الأشياء الجميلة بمدينة تطوان والناحية ؟.

يتبع.. في الحلقة الثانية

من إعداد جريدة بريس تطوان


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

تعليق 1
  1. حميد يقول

    هل انت تطواني ام اسباني

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.