المظاهر العامة للنشاط البحري والتجاري بتطوان (2) - بريس تطوان - أخبار تطوان

المظاهر العامة للنشاط البحري والتجاري بتطوان (2)

– مرحلة بداية تراجعه. عرف مرسى تطوان انعطافا نحو التقهقر منذ سنة 1770، ويعود تراجعه لعومل متعددة:

أولها منافسة المراسي الجديدة المسترجعة في الشمال الغربي للبلاد كطنجة والعرائش. وكان نمو العرائش أسرع بفضل صادراتها من المواد الزراعية التي تنتجها مناطق الغرب. إلا أن مرسى كل من طنجة والعرائش كانا يفتقران إلى التجهيزات الأساسية، وإلى وجود فئة تجارية نشيطة من المسلمين واليهود.

والثاني، يعود إلى ضعف نشاط القرصنة وتقلصه وتراجع الأنشطة المرتبطة به، ويعود تقهقر القرصنة إلى ما تعرضت له العمارة البحرية في مصب مرتيل من تخريب على يد الأسطول الإسباني سنة 1752، وغرق بعض الغليوطات وأسر أخرى سنة 1755، إضافة إلى إنعكاسات إحتواء السلطان سيدي محمد بن عبد الله للنشاط القرصني وتمركزه بسلا.

والعامل الثالث، الصعوبات المتزايدة فيما يخص ولوج السفن إلى نهر مرتيل وقابليته للملاحة، وذلك بسبب إرتفاع مستوى المصاب.

والرابع، ويتمثل في الإنكماش المزدوج لمجال المدينة التجاري برا وبحرا، ويفسره تحول الطرق الرئيسية للتجارة المغربية العابرة للصحراء نحو المحيط الأطلنطي، مما سيؤدي إلى ازدهار موانئ أخرى منافسة كأسفي والجديدة والدار البيضاء، وعلى المستوى البحري الذي نشطت فيه الملاحة التطوانية لم يعد للبحر المتوسط الأهمية التي اكتساها من قبل.

وخامسا، يعتبر القرار الذي اتخذه السلطان سيدي محمد بن عبد الله سنة 1772 والقاضي بإجلاء القناصل من المدينة كمؤثر على هذا التراجع، وفي نفس الوقت عامل مساهم في تقهقر النشاط التجاري والبحري والذي كان في صالح طنجة.

ورغم هذا التقهقر فإن ظرفية محدودة ستسمح بعودة النشاط، وكانت مرتبطة بالحصار القاري الذي فرضه نابليون على إنجلترا والحصار المضاد منذ سنة 1794، بحيث أصبحت الملاحة التجارية تنشط عن طريق ميناء برشلونة، فكانت تطوان في وضع يسمح لها باستقطابه إذ كانت تؤمن قسطا مهما منه مراكب تحمل راية المغرب المحايد في هذا الصراع القاري.

– مرحلة انحطاطه. لقد وجدت تطوان نفسها في الأخير في مواجهة منافسة طنجة خاصة بعد أن أصبحت هذه الأخيرة مقر إقامة القناصل العامين الأوربيين، واسترجع موقعها كل أهميته بعد فض كل النزاعات البحرية وتمت حرية مرور السفن بالمضيق، فأسس بها خط بحري ربط بينها وبين جبل طارق، ولأسباب صحية شرعت عمليات نقل الحجاج وإبحارهم تنطلق من طنجة. وكما كان مرسى تطوان ضحية للتحول الذي عرفته ظروف الملاحة الدولية، فالسفن التي كانت تمخر مياه البحر المتوسط والملائمة لسواحله عوضت بسفن ذات حمولة كبيرة بصاريين وقلوع عديدة وتدعى «البريكانطان»، وغدت المراسي الجونية أفضل من مراسي المصاب. ولقد مهد هذا التحول لظهور مرتبة جديدة من المراسي، وأمسى الشمال الغربي منطقة خلفية للعرائش وطنجة بينما اضطرت تطوان إلى التكيف مع الواقع الجديد- المفروض، وانتقل العديد من تجارها وخاصة اليهود إلى جبل طارق وطنجة، وكما سيهاجر بعضهم مع مطلع القرن التاسع عشر نحو أمريكا اللاتينية.

منشورات جمعية تطاون أسمير

تطوان في القرن الثامن عشر “السلطة- المجتمع – الدين”

للكاتب عبد العزيز السعود

بريس تطوان

يتبع…


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.