المصنفات السبتية في السيرة النبوية (6) - بريس تطوان - أخبار تطوان

المصنفات السبتية في السيرة النبوية (6)

• الآيات البينات في ذكر ما في أعضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من المعجزات لابن دحية

موضوع الكتاب:

القارئ لمقدمة ابن دحية لكتاب الآيات البينات يتجلى له فيها موضوع الكتاب، يقول رحمه الله: “فإن الواجب الاشتغال بكتاب الله المنزل، وبما صح من سنة النبي المرسل، فإنهما الأصلان اللذان يقربان إلى الله تعالى بالقول والعمل، وقد رجوت فيها ثواب الله تعالى في الآخرة وما يقرب منه يوم الزلفي، وقد رأيت الآن أن أختم ذلك بما خص الله به أعضاء رسوله، وما مدح به في محكم تنزيله، وما ظهر لها من المعجزات المسندة الطرق والروايات، مما استفدته شرقا وغربا من ذوي الدرايات، لينفعني الله به والتارئين له في المحيا والممات، فهو كتاب يزهو على المصنفات ،لم يأت أحد بمثله، ولا هو آت، فأقول والله حسبي ونعم الوكيل”.

وقد نهج ابن دحية في كتابه منهجا قائما على الاعتماد على القرآن الكريم وصحيح السنة وأقوال الأئمة، شارحا ما يحتاج من ذلك من الغريب ومستنبطا الفوائد والأحكام والحكم.

وقد كان ابن دحية يورد آيات بينات من الكتاب، مستدلا بها  على ما ذكره من معجزاته، كاستدلاله في مدحه سبحانه وتعالى للسان رسوله، فقال: ح- – – – ی ی چ (القيامة: 16 )، ثم يردف هذه الآية بشرح ألفاظها، وتفسيرها، وما فيها من قراءات، مدعما ذلك بأدلة أخرى من الكتاب والسنة، وأقوال الأئمة المفسرين.

وقد أكثر الحافظ ابن دحية في كتاب الآيات البينات الاستدلال بالحديث النبوي الشريف في بيان معجزاته صلى الله عليه وسلم مستشهدا على ذلك بما صح من الآثار والأخبار، مدافعا منافحا عن السنة، والدليل على هذا قوله: “فحذار حذار من مخالفة الأخبار، والعمل بقول الكفار المكذبين للشريعة المطهرة، أولئك هم الكفرة الفجرة”.

ومع إكثاره من الأحاديث، كان لا يكتفي بذكرها فقط ، ولكن ينهج في هذا منهج المحدثين، فهو بلا ريب الرجل المحدث المشهود له بعلو كعبه في فن الحديث.

فقد اعتنى رحمه الله في كتابه هذا، بذكر أسانيد الروايات، وبيان اختلاف الألفاظ ودرجاتها، وكان يعرج إلى التعريف بسند رجال الحديث المذكور، معدلا ومجرحا ذاكرا لأخبار الرجال، هذا بالنسبة للسند.

أما بالنسبة لمتن الحديث، فقد كان يورد الحديث ويشرح غريبه معتمدا على كتب الغريب, مستنبطا منه الفوائد الجمة، والأحكام والحكم مع ذكر، سبب ورود الحديث، مستدلا على ذلك بصحيح الآثار والأخبار.

وقد انتهج في عرض مادة كتابه نفس المنهج الذي ذكرته في دراسة كتاب الابتهاج في أحاديث المعراج فأغنى ذلك عن إعادته.

• المستوفى في أسماء المصطفى لابن دحية السبتي

وصلنا كتاب المستوفى بأسماء عدة، سماه الحافظ ابن حجر والإمام السخاوي بـ “أسماء النبي صلى الله عليه وسلم”، وسماه المقري “بشرح أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ” وسماه عبد الملك المراكشي، وحاجي خليفة، وعبد الله كنون، بـ “المستوفى من أسماء المصطفى”وغيرهم كثير ممن نسب الكتاب لصاحبه ابن دحية الكلبي، ونسبه ابن دحية لنفسه في كتابه الموسوم نهاية السول في خصائص الرسول.

والكتاب له نسخة ناقصة من آخرها، أصلها موجود في المكتبة الناصرية في لكنو بالهند، ولها صورة على الميكرو فيلم في مخطوطات الجامعة الإسلامية تحت رقم: 3586، ويبدو أن هذا النقص كثير جدا لأن آخر حرف وصلت إليه النسخة هو السين عند اسمه صلى الله عليه وسلم “سيد الناس”.

تقع هذه النسخة في 168 ورقة، كل ورقة تحتوي 21 سطرا، وخطها مشرقي نسخي جميل، وبسبب نقص النسخة لم نعرف اسم الناسخ ولا تاريخ النسخ، ويظهر أن خطها من خطوط القرن السابع.

وقد تأثرت هذه النسخة بعامل الرطوبة، مما أدى إلى طمس كثير من الكلمات والجمل خاصة في مقدمة الكتاب.

وكتاب المستوفى في أسماء المصطفى صلى الله عليه وسلم من أشهر ما ألف في هذا الباب، حاول فيه الحافظ ابن دحية حصر أكبر عدد من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وشرح معانيها. قال الحافظ ابن حجري الفتح: ” قال ابن دحية في تصنيف له مفرد في الأسماء النبوية، قال بعضهم: أسماء النبي عدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعون اسما قال: ولو بحث عنها باحث لبلغت ثلاثمائة اسم، وذكر + تصنيفه المذكور أماكنها من القرآن والأخبار، وضبط الفاظها، وشرح معانيها ، واستطرد كعادته إلى فوائد كثيرة،وغالب الأسماء التي ذكرها وصف بها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يرد الكثير منها على سبيل التسمية …”.

فهو كتاب بحق خضما زاخرا بالمعلومات العلمية القيمة، ومن ميزته أنه أفرده خالصا للأسماء النبوية.

قال ابن دحية : “فإذا فحص عن جملتها من الكتب المتقدمة، والقرآن العظيم والحديث والنبوية الكريم، وفي الثلاثمائة، ولا تضاد ولا تنافي في ذلك فافهمه ترشد . إنشاء الله .

أما منهج ابن دحية في الكتاب فإنه قسمه إلى أبواب مرتبة على حروف المعجم، ويورد تحت كل باب الأسماء النبوية، مع شرحها وتفصيل الكلام عنها، وتخلل ذلك فوائد عدة عهدناها من ابن دحية في سائر مؤلفاته.

وقد حاول ابن دحية رحمه الله أن يستوي أسماء النبي صلى الله عليه وسلم حين طلبها على التوسع، فاستفرغ الجهد في الإكثار من التفاصيل وتتبع الجزئيات، ففيه كل شيء تقريبا: قرآن وحديث، جرح وتعديل، تفسير، فقه، لغة، سيرة، أصول، عقيدة، كلام… الخ.

لقد اعتمد الحافظ ابن دحية على مصادر شتى ينبئ عن سعة اطلاعه ، ولم يكن ابن دحية رحمه الله يخفي اعتماده على من سبق، فقد اعتمد على كتاب “المنبي في أسماء النبي صلى الله عليه وسلم” لابن فارس، وكان اعتماده على كتاب الشفا للقاضي عياض ظاهرا فالشفا كتاب جليل القدر، وهو وإن لم يفرد القاضي عياض للأسماء فقد تضمن الكلام على الكثير منها، وقد أغار عليه ابن دحية فاستهدى به في تعيين الأسماء وفي تحديدها، فجملة ما ذكره القاضي عياض من أوصاف ونعوت وأسماء وألقاب وأخلاق وما جاء في سياق النصوص ضمنها ابن دحية في كتابه، وتوسع في الأسانيد، ثم توسع في التعليق على الأسانيد ثم المتون والألفاظ، وهكذا يمكن أن نجزم من دون تردد أن “المستوفى في أسماء المصطفى” خرج من رحم “الشفا بتعريف حقوق المصطفى” ولا ضرري ذلك، فبين الكتابين تميز كبير، وفي المستوفى جهد واضح.

عنوان الكتاب: سبتة العالمة ومدارسها في العلوم الشرعية

الكاتب: ذ. الباحث محمد المجاهد

منشورات المجلس العلمي المحلي لعمالة المضيق الفنيدق

بريس تطوان

يتبع…


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.