ثالثا: كتب الأعلام والدلائل والمعجزات والشمائل والخصائص
لقد مر أن علماء سبتة لهم قصب السبق في تأليف كتب قيمة في مولده صلى الله عليه وسلم، وصنفوا كذلك كتبا أخرى في السيرة، سواء في الشمائل أو الخصائص أو الدلائل والمعجزات وغيرها , وكانت العمدة لمن ألفوا بعدهم, نذكرها على التوالي:
شفاء الصدور في أعلام نبوة الرسول وخصائصه لابن سبع السبتي المتوفى نحو 520هـ:
يعتبر كتاب “شفاء الصدور في اعلام نبوة الرسول وخصائصه”. موسوعة علمية بحق؛ جمع صنوفا من العلم وألوانا من الأدب، جمع بين الحديث والسيرة، وقد قضى مؤلفه في جمعه قرابة ثلاثين عاما ويقع في خمسة عشر مجلدا.
ذكره له محمد بن القاسم الأنصاري السبتي في كتابه الموسوم “اختصار الأخبار من كان بسبتة من سني الآثار”، قال في سياق من أقبر بمدينة سبتة من العلماء الأجلاء: “ومن أشهرها . يعني القبور ، بالربض الأسفل: الشيخ الفقيه الخطيب، المحدث الحافظ أبو الربيع سليمان ابن سبع العجميسي مؤلف “شفاء الصدور”.
وذكره أيضا الإمام محيي الدين بن النحاس في كتابه الموسوم “مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق ” بقوله: “كتاب شفاء الصدور وقفت عليه بثغر الإسكندرية في نحو أربعة أسفار للخطيب أبي الربيع سليمان بن سبع السبتي. ذكر أنه جمعه في قريب من ثلاثين سنة في خمسة عشر مجلدا، يشتمل على أحاديث في فضائل الأعمال ودلائل النبوة وغير ذلك،وقد وضع فيه مؤلفه من عجائب الغرائب أصولا وفروعا، وجمع فيه ما دب ودرج. فأوعب وأوعى أحاديثه عارية عن الإسناد خالية من التصحيح والتضعيف”.
المآخذ التي أخذت على شفاء الصدور:
لقد أخذت على كتاب شفاء الصدور لابن سبع مجموعة من المأخد. التي هي مغمورة في محاسنه ، منها ما يتعلق بإيراده أحاديث مجردة عن أسانيدها، ثم استشهاده ي كثير من الأحيان بالضعيف والموضوع دون الالتفات الى الحكم على الحديث، وسأتحدث على هذه النقاط المذكورة مستشهدا عليها بامثلة من كتابه،
. إيراده الأحاديث مجردة عن الإسناد
. استشهاده بالأحاديث الضعيفة والموضوعة
أهمية كتاب شفاء الصدور:
وتكمن أهمية الكتاب في كونه أوسع كتاب في السيرة النبوية ،حيث ذكر المؤلف في مقدمة الكتاب، أنه قضى في جمعه ما يناهز الثلاثين عاما، فبيضه في خمسة عشر سفرا، كما ذكر سالفا. وهذا الكتاب ليس كتاب سيرة فقط ولكنه حوى علوما جمة من الحديث وعلومه، والقرآن وعلومه. ولم ينس المؤلف رحمه الله أن يضيف إليه نفحات أدبية لها أهميتها.
الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم للقاضي عياض:
لقد اعتني بكتاب الشفا عناية فائقة لدراسة وشرحا وتدريسا وتبركا.
ولقد استعد له القاضي عياض استعدادا خاصا، تحدث عنه بقوة وحماس في مقدمة الكتاب حيث قال: “ولما نويت تقريبه ورمت تبويبه، ومهدت تأصيله، وخلصت تفصيله، وانتميت حصره وتحصيله، ترجمته بـ “الشفا بتعريف حقوق المصطفى”.
فكتاب الشفا ، كما قال ابن الموقت . ذخيرة لمن تمسك به، ونجاة لمن ركب سفينة بقلب وليه. وعزة لمن دهمته الشدائد، وجلاء لكل هم وغم من حل بساحته الموائد على مر الأزمنة والدهور، ولا يزيدها طول المدى إلا نورا على نور.
ولهذا توالت العناية بهذا الأثر النفيس، وتسابق الناس لقراءته والإقبال عليه منذ القديم، فأمرأبو عنان المريني بتدريسه بجامع القرويين، وإنشاء السلطان رشيد العلوي كرسيا في الضريح الإدريسي لتوريثه ورحم الله القائل:
كلهم حاول الدواء ولكن * ما أتى بالشفاء إلا عياض
وقال عنه العالم الزاهد أبو الحسين الأزدي الرندي: “وشفي بكتاب الشفا قلب كل مؤمن صادق، كما كبت به قلب كل عدو منافق، فإذا طالعه المؤمن استئارت في باطنه حقائق أخباره، وإذا جال + روض معارفه تنفست له نفحات نسيمة الأريج، وتبسمت له مباسم ازهاره”.
أسباب تأليف الكتاب وأهدافه:
يشرح لنا عياض في مقدمة كتابه، الأسباب التي دفعته إلى تأليف الشفا، فيقول رحمه الله: “فإنك كررت علي السؤال في مجموع يتضمن التعريف بقدر المصطفى عليه الصلاة والسلام، وما وجب له من توقير وإكرام، وما حكم من لم يوف واجب عظيم ذلك القدر، أو قصر في حق منصبه الجليل قلامة ظفر، وأن أجمع لك ما لأسلافنا وأئمتنا في ذلك من مقال وأبينه بتنزيل صور وأمثال..
وهكذا تجلى لنا بوضوح الأسباب والدوافع التي جعلته يؤلف هذا الأثر النفيس الذي يعد بحق ثمرة من ثمار الحركة الفكرية لتلك الفترة وعلامة بارزة في حياة عياض. ومن مقدمة كتاب الشفا يتبين أن عياض كان يرمي إلى تحقيق
أربعة أهداف رئيسية هي:
• التعريف بقدر المصطفى صلى الله عليه وسلم، وخلقه العظيم.
• ما يجب له من توقير وإكرام.
• ما حكم من لم يوف واجب عظيم ذلك القدر .
• جمع أقول السلف والأئمة في ذلك.
عنوان الكتاب: سبتة العالمة ومدارسها في العلوم الشرعية
الكاتب: ذ. الباحث محمد المجاهد
منشورات المجلس العلمي املحلي لعمالة المضيق الفنيدق
بريس تطوان
يتبع..