ـ رواد الصحافة العربية بتطوان وشمال المغرب:
الحاج محمد الصفار أول صحافي مغربي على مستوى العالم العربي والإفريقي
هو الفقيه الأديب والعالم محمد الصفار – تولى الكتابة الإدارية عند القائد عبد القادر أشعاش ، وكان له خط جميل ورائع أدهش السلطان عبد الرحمان بن هشام العلوي من خلال رسائله التي كانت تصل إليه من القائد اشعاش باسمه، فانتدب مع قائده في سفارة إلى باريز لملاقاة ملكها لويس الثامن عشر، وسجل في رحلته التي كتبها بعد عودته من السفارة ما رأى وشاهد من عوالم حضارية جديدة نقلها بأمانة في كتابه الرائع « الرحلة التطوانية إلى الديار الفرنسية سنة 1845م ، ثم ألحقه السلطان عبد الرحمان بن هشام بديوانه ، ثم عمده وزيراً من وزرائه مكلفا بتلقي الشكايات ، فعاش عهد ه ، وعهد ولده محمد بن عبد الرحمان بن هشام ، وعهد حفيده السلطان مولاي الحسن الأول الذي مات بين أحضانه في رحلة إلى دار بن زيدوح عام 1298 هجرية .(1880م).
ومن الرحلة هذا الوصف المدهش لعمل الصحافة الباريزية في ذلك الوقت وهو بحث ضاف ، يعد الصفار أول صحافي مغربي على المستوى العالم العربي والإفريقي كتب عن صحافة الغرب . حتى أصبحت رحلته عالمية ترجمت إلى الكثير من اللغات الأجنبية ـ انجليزية – واسبانية ـ وفرنسية.ولم يدانيه الا صاحب « الإبريز الشيخ رفاعة الطهطاوي في كتابه» تلخيص الإبريز في تلخيص باريز» الذي صدر بالقاهرة سنة 1834م. ورغم ذلك يظل كتاب « الصفار» اكثر إغناء بالمعلومات ، وأول واصف للصحافة الباريزية في کتابه.
وفي رأيي الخاص فإن الصحافة الباريزية في رحلة الصفار لم تحظ بالأهمية ، لإغفال الصحافيين المغاربة والعرب عن تناول مظهرها الحضاري كما يجب في تلك الفترة من عصر الأنوار الفرنسية.
يقول الصفار في رحلته معلقا على انتشار صحافة فرنسا سنة 1845 :»ولأهل بارير كغيرهم من سائر الفرنسيس بل وسائر الروم تشوق لما يتجدد من الأخبار ، ويحدث من الوقائع في سائر الأقطار، فاتخذواvلذلك الكوازيط 10، وهي ورقات يكتب فيها كل ما وصل إلى علمهم من الحوادث والوقائع في بلدهم أو غيرها من البلدان النائية والقريبة ، وبيان كيفيتها أن صاحب دار الكازيطة يتخذ أقواما يرسلهم لالتقاط الأخبار من كل ما يسمعونه او يرونه في ذلك اليوم من المهمات والحوادث والوقائع والنوادر وغير ذلك مما يحسن الإخبار به.»
« ومن جملة محال التقاطهم للأخبار القمرتان الكبيرة والصغيرة ( مجلس النبلاء ، ومجلس النواب)، اللتان يجتمعون فيها لتدبير قوانينهم، فإذا اجتمع أهل القمرة وأخذوا في الخوض في نوازلهم ووقائعهم جلس أصحاب الكوازيط في ناحية ، يكتبون كل ما تكلم به فيها ، فكل ما وقع الكلام عليه فيها وانبرم من الأحكام يصبح غدا في الكوازيط،ويشهر لسائر الناس وليس يقدر أحد أن يمنعهم من ذلك إلا إن كان كلامهم في أمر سر يجب كتمه عن سائر الناس فيمنعونه».
الكتاب: الصحافة بشمال المغرب من التأسيس إلى الاستقلال
المؤلف: محمد الحبيب الخراز
(بريس تطوان)
يتبع…