الأمانة والمقدرة
يقول الكولونيل روبيرت ماك كورمك الأمريكي الأصل والذي كان له باع في ميدان الصحافة والنشر “الجريدة مؤسسة نمت في المدينة العامرة لتقدم أخبار اليوم، وترقي التجارة والصناعة بواسطة الإعلانات الواسعة الانتشار، وتعلم الرأي العام وتقوده وتشكل مراقبة فوق الحكومة لم يشكلها بعد دستورها، هذه هي غايات الجريدة، كما يراها”.
والجريدة الجيدة هي التي تقوم بهذه الغايات بأمانة ومقدرة.
أما انبثاق الأخبار في الرأي الذي يريد المحرر أن يؤمن به الآخرون، فهو التطور الرئيسي للصحافة فى الثلاثينات الأخيرة على أن من واجب الصحافي و مسؤولياته أن يعالج الأخبار كاخبار وان ينشرها حسب قيمتها الخبرية، غير مشوهة لمصلحة أي إنسان.
وتخضع قيمة الأخبار وقيمة الحقائق التي كونها بالطبع، للحكم الإنساني وليس من محرر معصوم عن الخطأ، ولكنه مثل لاعب الكرة يجب أن يحصل على معدل مرتفع في إصابة الهدف، فعلى المحرر أن يحصل على معدل مرتفع في تقييم صحة الأخبار، إذا كان له أن يصل إلى مصاب الصحفيين الكبار، وكان له أن يبقى في ذلك المطاف.
إن قانون النجاح في العمل الصحافي هو نفسه قانون النجاح الشائع في كل مكان، وهو الاستحقاق الرفيع وكثيرا ما نسمع اتهاما للصحف بعدم الصدق، ذلك لشبيه تام الشبه بشركة كبرى ذات رأسمال يبلغ ملايين الدولارات تخشى صناعتها بأن تضع فيها سموما فتاكة.
والخدمة الجيدة التي يمكن للجريدة أن تؤدها هي أن تؤسس مراقبة ثابتة وضابطة لتسهيل النشاط الحكومي والبرلماني قبل أن تنشر أخبار النهار الحكومية الرسمية والإدارية، وعرضها امام القراء، وهذا صحيح حتى في أسوأ الصحف وفي أفضل الحكومات في كل بلد توجد فيه حرية الصحافة وتنوعها ويجب على الجريدة الحرة أن تدعم نفسها لذلك، فعليها ان تكون مؤسسة تسعى للربح، وإدارة مالية جيدة، حتى لا تضطر أن تخوض اي معاملة قد تقيد من حريتها.
ولقد وصف السيد جوزيف ميدل، مؤسس “التريبون” في شيكاغو قاعدة إدارة الجريدة الجيدة مرة بقوله حسنا انشر الأخبار، ليس لي أن أقول شيئا آخر فقط انشر الأخبار”.
إن إصدار الجريدة أكثر الأمور التي يعرفها الأنسان تعقيدا، وهناك أمام الذي يسعى وراء جمع المال عشرة ألف طريقة أسهل من إصدار جريدة، ولكن ما إن تصدر جريدة جيدة وعظيمة حتى تشعر أنه ليس من لذة تبعث الرضى مثل تلك اللذة.
بقلم: المرحوم ابن تطوان الكولونيل عبد النبي عبد القادر الجحرة
نقلا عن كتابه: الصحافة علم واختصاص
بريس تطوان
يتبع…