أول جمعية للصحافة الإسبانية المغربية :
الملفت للانتباه أن وعي الصحافيين الاسبانيين والمغاربة كان مدهشا وبعيدا في التقدير يواكبه عالم الفكر والمعرفة والحوار الحضاري ، ما أعطي انطباعا ساد تاريخ المغرب الصحافي المعاصر وبلور الاحتكاك المتين في العلاقة بين الصحافيين انفسهم لإبراز الثقافتين المغربية والإسبانية على الضفة المتوسطية، وهكذا صار الصحافيون الملتئمون في النقابة الصحافية بتطوان يأخذون من توهجهم النقابي عامل الاحترام والتقدير في الجسم الصحافي، ولم يثبت رغم تعددية الصحافة الإسبانية سواء التي كانت تصدر بتطوان أو بالعرائش او حتى باسبانيا في تلك الفترة من الحماية الإسبانية وجود تشنج بين الصحافة الوطنية او الصحافة الإسبانية، بل ما لوحظ في هذه الفترة المتداولة على امتداد الحماية هو احترام الرأي، والرأي الأخر، رغم المواقف الصعبة أحيانا التي كانت تقفها الحركة الوطنية ضد الاستعمار الإسباني، والهجوم الملفت للأنظار أحيانا أخرى من خلال بعض الأقلام التي تدبج مقالات نارية كانت تهاجم بها اسبانيا ، وترد عليها فقط بفرض الغرامات الفادحة حتى تضطر هذه الصحف إلى التوقف عن الصدور، دون تدخل الصحافة الإسبانية في الموضوع.
وسواء « الحياة» أو « الريف» أو غيرهما من الصحف الوطنية لا تتأخران في اطلاع القراء المغاربة على ما يكتبه الصحافيون الإسبان عن بلادنا سواء كانوا بالداخل أم بالخارج، من ذلك مثلا التنويه بمجلة « سلالتنا»(Nuestra raza_ التي كتبت مقالات وأبحاثا مهمة عن قضايا المغرب ومشاكله في تلك الفترة في سنة 1934 وحثت القراء المغاربة الذين يتقنون الإسبانية على اقتناء المجلة وقراءتها بإتقان.
كما أنها تبنت اقتراحا كان قد كتبه الأستاذ الطريس في أحد أعداد مجلة « السلام « يدعو إلى الحفلات الزهرية .
ونشرت جريدة « الحياة « هذا الخبر قائلة «( كان رئيس تحرير هذه الجريدة الأستاذ عبد الخالق الطريس قد طالب في أحد الفصول التي حررها في مجلة « السلام « القراء بإعادة تنظيم الحفلات الزهرية التي كانت تقام بمدينة سبتة ويشترك فيها المغاربة والإسبانيون فتتبادل الخطب وتناشد الأشعار. وتتكاثر مظاهر الأخوة الإسبانية المغربية .
ويظهر أن جمعية الصحافيين المحترفين في العاصمة اقتنعت بالفكرة وألفت لجنة لتنظيم هذه الحفلات بتطوان في شهر اكتوبر بمناسبة عيد الجنس الإسباني وسيفسح فيها المجال أيضا للأبحاث العربية وينتظر أن تستدعي شخصية كبيرة من عالم الفكر الإسباني للخطابة في الحفلات .
فنحن نهنئ المؤسسة الصحافية على إصابتها في القيام بهذا المشروع ونقدم صفحات جريدتنا لخدمة الفكرة. كما نرجو من الشباب المغربي أن يستعد للتسابق في هذا الميدان الأدبي الكبير ليبرهن على نهوضه وتفوقه.
الكتاب: الصحافة بشمال المغرب من التأسيس إلى الاستقلال
المؤلف: محمد الحبيب الخراز
(بريس تطوان)
يتبع…