سعيد المهيني/بريس تطوان
أصبحت مدينتا سبتة ومليلية المحتلتان محورًا متكررًا للتوترات الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا، ومع تصحيح العراقيل الإدارية لافتتاح مكتب جمركي تجاري في سبتة وإعادة فتح مكتب مليلية، لم يعد النقاش يدور حول فرض المغرب لضغوط اقتصادية على المدينتين، بل تحول إلى قضية الدفاع عنهما واحتمالية استخدام القوة.
يثير البعض تساؤلات حول سيناريو عدوان عسكري محتمل، مستندين إلى نقطة جدلية تتكرر عبر الزمن، وهي عدم خضوع المدينتين للحماية المباشرة لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
فمنذ انضمام إسبانيا إلى الحلف عام 1982، لم تُدرج سبتة ومليلية صراحة ضمن الأراضي المشمولة بالمادة الخامسة من معاهدة الناتو، والتي تنص على أن أي اعتداء على دولة عضو يُعتبر اعتداءً على جميع الدول الأعضاء، لكن في سياق محدد يقتصر على أوروبا وأمريكا الشمالية.
وفي عام 2022، حذّر رئيس أركان الدفاع الإسباني السابق، فرناندو أليخاندري، من أن وضع سبتة ومليلية مشابه لأقاليم أخرى خارج أوروبا تابعة لدول أعضاء في الناتو، والتي لا تخضع تلقائيًا للحماية الجماعية للمادة الخامسة.
ويؤكد الخبير في السياسة الأمنية والدفاعية الأوروبية، إيفان استيف جيربيس، أن الاتفاقيات الحالية تعزز هذا المفهوم، حيث لا تُعتبر المدينتان “إقليمًا أوروبيًا” وفق تعريف المعاهدة، مما يضعهما خارج نطاق الحماية التلقائية للناتو.
ومع ذلك، يشير استيف إلى أن هذا لا يعني استبعاد أي تدخل محتمل للحلف في حالة وقوع هجوم، حيث يمكن إعادة تقييم الوضع وفق الظروف.
بالإضافة إلى الناتو، تعتمد إسبانيا على ضمانات أمنية من الاتحاد الأوروبي، خاصة المادة 42.7 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، والتي تلزم الدول الأعضاء بتقديم الدعم العسكري لأي دولة تتعرض لعدوان مسلح، إلى جانب المادة 222 من معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي، المعروفة بـ “بند التضامن”، والتي تضمن استجابة جماعية ضد الهجمات الإرهابية أو الكوارث.
ويرى استيف أن الخطاب الذي يروّج لاستبعاد سبتة ومليلية من الحماية الدولية يخدم مصالح الجهات الداعية لتعزيز الاستثمار العسكري الوطني المستقل، بعيدًا عن التعاون الدفاعي الأوروبي.
ويؤكد أن أي هجوم محتمل على المدينتين سيواجه برد فعل قوي، سواء من الناتو أو الاتحاد الأوروبي، مما يجعل أمنهما معتمدًا على منظومة أوسع من مجرد المادة الخامسة لمعاهدة الحلف الأطلسي.