بريس تطوان
رحلاته الدراسية:
كان سيدي محمد التمسماني كثير السفر والتردد على بعض المدن كفاس والدار البيضاء ومكناس وتطوان والرباط وسلا والصويرة بهدف حفظ صنائع الآلة وتبادلها مع بعض حفظتها وأعلامها كسيدي الكبير بن المهدي الفاسي وميني الأزرق ومحمد بن عبد الكريم الأزرق وعبد العزيز الوكيل يرحمهم الله جميعا ففي فاس أخذ الكثير عن الأخوين الأزرق وعبد العزيز الوكيلي الذين كانوا يترددون كثيرا على طنجة قصد الضيافة في بيت القاضي الفقيه سيدي العربي التمسماني والد أستاذنا، وفي فترة الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات كان سيدي محمد كثير التردد على تطوان قصد الإقامة في بيت الأمة وهو بيت الزعيم عبد الخالق الطريس رحمه الله، الواقع في زنقة القائد أحمد، وكان الأستاذ الطريس صديقا حميما له، بحيث كان يضع رهن إشارته جنانه الواقع في شارع الجيش الملكي بطريق سبتة، وكان يزوره هواة الآلة وحفظتها، كما كان هو أيضا يزورهم في بيوتهم بقصد تبادل الصنائع والتدرب عليها، ومن هؤلاء الحاج محمد بنونة ومحمد ابن الآبار ومحمد المؤذن ومحمد الركينة رحمهم الله، وكان محبوبا ومقدرا من لدن الأهالي والأعيان الذين كانوا يسعدون بمجالسته، وكان هو أيضا يبادلهم نفس الشعور، ولذلك فقد كان أكثر ترددا على تطوان من المدن الأخرى.
تعيينه مدير المعهد الموسيقى:
وفي سنة 1956 أبلغ الزعيم عبد الخالق الطريس صديقه محمد التمسماني تعيين الملك محمد الخامس إياه مدير المعهد الموسيقي بتطوان بالموافقة على اقتراح منه، وفي المعهد وجد ضالته بصحبة أساتذة المعهد المرحومين: العربي الغازي، وأحمد الدريدب ومحمد بيصة وأحمد بن سلام البردعي وج عبدالسلام السعيدي ومحمد الشودري ومحمد ابن عياد وعبد الكريم النبخوت واحمد ابن نبخوت واحمد بن العربي الشنتوف واحمد احرازم والمختار المفرج واحمد اشقارة وابن عبد الصادق ومحمد حيون الصالحي واحمد الورديغي، وهؤلاء كانوا ينفردون بحفظ عدة صنائع ، ومنها الاصبهان الذي لم يكن محفوظا إلا في تطوان، ثم تمكن هؤلاء جميعا من حفظ وجمع عشر صنائع درج الاصبهان، فسجلوها في إذاعة الرباط سنة 1966، وبفضل إقامة سيدي محمد في تطوان وعمله في المعهد أمكنه حفظ كنزكبير من الصنائع والبراويل عن الحافظ التطواني المرحوم أحمد الشارف، ومما حفظه عنه الصبوحي الذي كانت تنفرد به تطوان .
مميزات أعماله:
من مميزات أعماله اجتهاده و تصحيحه للأخطاء التي اعترت الآلة، وإتقان الأداءيـن الـفردي والجماعي، وإشراك العنصر النسائي غناء وعزفا، واستعمال الكورال بأصوات رجالية ونسوية، وأول صوت كان للفنانة المرحومة الزهرة أبطيو التي غنت غناء فرديا ومتناوبا مع المرحوم عبد الصادق اشقارة، واستعماله الأساسي لآلة البيانو، وتوزيع بعض الجمل الموسيقية على مختلف الآلات، وتوزيعه للتواشي السبع، وموافقته لأساتذة المعهد الإسبانيين في هرمنة بعض الصنائع بهدف منحها هالة جمالية جديدة، وبيان إمكانية موافقة الآلة لجميع الأساليب الفنية الأوروبية مع محافظتها على ميزتها وأصالتها، وسمح بهرمنة بروالة العانس من ميزان قدام الاستهلال اللتين نوطهما مع التوشية ومع الصنعتين الأولى والثانية من ميزان قائم ونصف الاستهلال، وشارك في تنسيقها وعزفها وغنائها مع القائد المساوي للجوق السيـنـفـونـي للإذاعة وبعض الأساتذة في أواخر الخمسينات بمناسبة حفلات عيد الاستقلال تلبية لرغبة جلالة الملك محمد الخامس رحمه الله، ومن جملة أعماله أيضا تنسيقه للمشالية الكبرى سنة 1960 ومحافظته على عدد كبير من الصنا ئع التطوانية التي انفردت بها تطوان، واستعماله لآلات النفخ كالكلارينط والساكسفون وقيادته لجوق المعهد وتدريبه وتزويده بعدد كبير من الصنائع التي لا يحفظها إلا هو. واكتشافه بأن مقام نوبة الاصبهان هو نفس المقام المستعمل في إيران، وذلك بمساعدة الفنان التونسي صالح المهدي خلال مهرجان البحر الأبيض المتوسط الذي أقيم بمدينة الحمامات التونسية أواخر الخمسينات وتخريجه مع الفنانين التونسي صالح المهدي والتطواني الحاج محمد بنونة سماعي الحجاز الكبير خلال المؤتمر التمهيدي للموسيقى العربية الذي نظم في فاس سنة 1964
بعض أعماله وأسفاره الفنية:
وتحت قيادته لجوق المعهد، مثل المغرب في عدد كبير من الملتقيات والحفلات والمهرجانات الموسيقية في عدة دول إفريقية وأوروبية وأسيوية وأمريكية، كإسبانيا وفرنسا و ألمانيا وروسيا، وقطر والسعودية و العراق والجزائر وتونس والسينغال وغيرها، حيث كان يحرز على إعجاب وتقدير الحاضرين والمهتمين ، ومن أعماله أيضا قيادته للجوق في تسجيل النوبات الإحدى عشر في كلية العلوم بالرباط بحضور الأعلام المرحومين: محمد الفاسي وج ادريس ابن جلون وأحمد الوكيلي وعبد الكريم الرايس وأحمد التازي البزور، تنسيقه وتنويطه لمجموعة من الصنائع لكي يعزفها الجوق السينفوني بقيادة قائد الضابط عبد القادر الرتبي بأمر من الملك محمد الخامس، ليعزفها في حفلات عيد العرش في سينما الملكي بالرباط ، وذلك قبل بناء مسرح محمد الخامس وفي نطاق خطة وزارة الثقافة لتسجيل نوبات الآلة على أسطوانات الآيزر من طرف أجواق تطوان والرباط وفاس، فقد سجل نوبتي رمل الماية والاصبهان، ولم يرد تسجيل مجموعة من صنائع هاتين النوبتين وآثر الاحتفاظ بها.
علاقته بجمعية هواة الموسيقى الأندلسية بالمغرب:
كان المرحوم محمد بن العربي التمسماني من أحد المؤسسين لجمعية هواة الموسيقى الأندلسية بالمغرب سنة 1958 والتي تأسست تحت الرعاية السامية لسمو ولي العهد آنذاك، الحسن الثاني رحمه الله، وقد ضمت عدة شخصيات وزارية وفنية تذكر منهم:
الرئيس الشرفي للجمعية الحاج امحمد بن مليح ، محمد الفاسي عبد الكريم بنجلون ( وزير العدل) ادريس بنجلون.
ومنذ سنة 1998 إلى أن وافته المنية قام بتعليم الصنائع النادرة للأستاذ الفنان محمد الأمين الأكرمي والفنان المهدي الشعشوع بطلب من جمعية هواة الموسيقى الأندلسية بالمغرب، على أن تقدم ها ته النوادر على شكل ملحق نادر للأنتلوجيا الموسيقى الأندلسية.
عن “الأجواء الموسيقية بتطوان وأعلامها”
لمؤلفه محمد الحبيب الخراز
(بريس تطوان)
يتبع…