“أشق الحروب هي حرب الإنسان مع نفسه“
– مصطفى محمود–
وأصعبها على الإطلاق، فنحن نخوض حربا ضروسا مع أنانياتنا، مع طمعنا، مع رغباتنا الدفينة في أن نكون النسخة الأفضل من أنفسنا وأن نخرج في الصورة الأبهى للمجتمع…
ندخل المعركة، ضد ضعفنا وهواننا وقلة حيلتنا… ونكافح السواد الذي يسكننا رغما عنا لإنسانيتنا، ثم ترانا نجاهد للسيطرة عليه وتغليب البياض الذي اكتسبته النفس …
وكيف لا نحارب؟ ونحن نتخبط في البشاعة والبؤس والوحشية، نحاول ركوب قوارب النجاة نحوعالم هادئ مثالي، لم يُشيد بعد…
لنظل في حرب.. متواصلة، حتى لا تنجرف النفس، وحتى لا يخون القلب وحتى نحمي ما تبقى من الورد الذي يسكننا قبل أن تحرقه العاصفة.
حرب مع النفس وضدها… وأخرى للحفاظ على ما بها من جمال.
أشق الحروب، هي أن تمنع قلبك من الموت وأنت على قيد الحياة… هي أن تحول دون أن تصبح وحشا بشريا يأكل الأخضر واليابس ويدوس على الضعفاء…
أشق الحروب هي أن تكون سدا منيعا يقي رأفتك، وحبك، وإنسانيتك، وسلامك الداخلي… هي أن تتمكن من النظر إلى نفسك، من الغوص بداخلك والسفر إليك… وان لا يقض مضجعك ظلما أو كرها أو سواد.
ثم تشعر أنك وحيدا… متَفردا ومنفردا وسط النسخ، وغريبا مختلفا إختلاف الأزرق السماوي عن درجاته الفاقعة، وقد تجد نفسك في زاوية بعيدا عن عالمك الصاخب أو تركض وكأنك في سباق الدور النهائي لكن ضد التيار… علامات يصعب فهمها أو استيعابها تُنذر بأن الحرب الطاحنة على أشدها وأنك خُلقت لتحارب… لتتحدى وتناضل من أجل العالم الذي تحلم به والذي جئت من أجله لهذه الحياة.